قصة انهيار وزراء مــــــغاربة وجدوا أنفسهم بعد «المجد» فــــــــي قفص الاتهام

0

24ميديا: أحمد امشكح

كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬لفضيحة‭ ‬الرباط،‭ ‬الذي‭ ‬حولته‭ ‬مياه‭ ‬الأمطار‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬مسبحا‭ ‬للعوم،‭ ‬وليس‭ ‬ملعبا‭ ‬لكرة‭ ‬القدم،‭ ‬أن‭ ‬تجر‭ ‬وزير‭ ‬القطاع‭ ‬محمد‭ ‬أوزين‭ ‬إلى‭ ‬المساءلة،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬السياسية،‭ ‬ولكن‭ ‬المساءلة‭ ‬انطلقت‭ ‬شعبية‭ ‬حيث‭ ‬طافت‭ ‬صور‭ ‬الفضيحة‭ ‬كل‭ ‬الأرجاء،‭ ‬ودخلت‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬على‭ ‬الخط‭ ‬منتقدة‭ ‬ومتشفية‭ ‬مما‭ ‬حدث‭. ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬بلاغ‭ ‬القصر‭ ‬الملكي،‭ ‬الذي‭ ‬قضى‭ ‬بتجميد‭ ‬أنشطة‭ ‬وزير‭ ‬الشبيبة‭ ‬والرياضة‭ ‬خصوصا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬منافسات‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬للأندية‭ ‬التي‭ ‬أسدل‭ ‬ستارها‭ ‬في‭ ‬العشرين‭ ‬من‭ ‬دجنبر‭ ‬الجاري‭ ‬بتتويج‭ ‬فريق‭ ‬ريال‭ ‬مدريد،‭ ‬قد‭ ‬نزل‭ ‬بردا‭ ‬وسلاما‭ ‬على‭ ‬جمهور‭ ‬الكرة‭ ‬وجمهور‭ ‬السياسة‭ ‬أيضا‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬دخل‭ ‬في‭ ‬نقاش‭ ‬فقهي‭ ‬حول‭ ‬المعنى‭ ‬الحقيقي‭ ‬لتوقيف‭ ‬أنشطة‭ ‬الوزير‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬إقالته،‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يقوله‭ ‬الدستور‭ ‬المعدل‭ ‬في‭ ‬2011‭ ‬وتحديدا‭ ‬في‭ ‬فصله‭ ‬السابع‭ ‬والأربعين،‭ ‬الذي‭ ‬يعطي‭ ‬للملك‭ ‬حق‭ ‬تعيين‭ ‬وحق‭ ‬إقالة‭ ‬وزير‭ ‬أو‭ ‬عدة‭ ‬وزراء‭ ‬بتشاور‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬رسالة‭ ‬الملك‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬بنكيران،‭ ‬ومنه‭ ‬إلى‭ ‬الوزير‭ ‬أوزين،‭ ‬الذي‭ ‬اختار‭ ‬الصمت‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬أن‭ ‬تهدأ‭ ‬العاصفة‭.‬

لقد‭ ‬عاشت‭ ‬مملكة‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬إقالة‭ ‬وزير‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬2008،‭ ‬وكان‭ ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بالسيد‭ ‬الخريف،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يشغل‭ ‬منصب‭ ‬كاتب‭ ‬للدولة‭ ‬في‭ ‬الخارجية،‭ ‬بسبب‭ ‬ازدواجية‭ ‬جنسيته‭ ‬المغربية‭ ‬والإسبانية‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬قضية‭ ‬الخريف‭ ‬لم‭ ‬تفتح‭ ‬حولها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجدل‭ ‬والنقاش‭ ‬الدستوري‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أطوارها‭ ‬جرت‭ ‬على‭ ‬عهد‭ ‬الدستور‭ ‬السابق،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬شكلت‭ ‬حدثا‭ ‬سياسيا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق،‭ ‬اعتبر‭ ‬الأول‭ ‬بطبيعته،‭ ‬منذ‭ ‬تقلد‭ ‬الملك‭ ‬الجديد‭ ‬مقاليد‭ ‬الحكم‭ ‬خلفا‭ ‬لوالده‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭.‬

واليوم‭ ‬تعيش‭ ‬نفس‭ ‬المملكة‭ ‬حدثا‭ ‬مشابها،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬للقضية‭ ‬وجها‭ ‬آخر‭ ‬عنوانه‭ ‬الأكبر‭ ‬هو‭ ‬حالة‭ ‬غش‭ ‬وفساد‭. ‬لذلك‭ ‬يمكن‭ ‬اعتبار‭ ‬قضية‭ ‬وزير‭ ‬الشبيبة‭ ‬والرياضة،‭ ‬وبلاغ‭ ‬القصر‭ ‬حول‭ ‬تجميد‭ ‬أنشطته‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬نتائج‭ ‬التحقيق‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬فتحه‭ ‬حول‭ ‬فضيحة‭ ‬ملعب‭ ‬الرباط،‭ ‬بداية‭ ‬لتفعيل‭ ‬مبدإ‭ ‬دستوري‭ ‬تميز‭ ‬به‭ ‬دستور‭ ‬2011،‭ ‬وكثيرا‭ ‬ما‭ ‬تغنت‭ ‬به‭ ‬حكومة‭ ‬عبد‭ ‬الإله‭ ‬بنكيران،‭ ‬وهو‭ ‬ربط‭ ‬المسؤولية‭ ‬بالمحاسبة‭. ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬المستبعد‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬قضية‭ ‬ملعب‭ ‬الرباط‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬لكي‭ ‬يؤدي‭ ‬من‭ ‬تسبب‭ ‬فيها‭ ‬ثمن‭ ‬فعلته‭. ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬أن‭ ‬للسيد‭ ‬محمد‭ ‬أوزين‭ ‬باعتباره‭ ‬وزيرا‭ ‬للقطاع،‭ ‬مسؤوليته‭ ‬السياسية‭ ‬فيما‭ ‬حدث،‭ ‬وبمنطوق‭ ‬دستور‭ ‬البلاد،‭ ‬وجب‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬ثمن‭ ‬هذه‭ ‬المسؤولية‭.‬

لم‭ ‬تعرف‭ ‬مملكة‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني،‭ ‬الذي‭ ‬قاد‭ ‬البلاد‭ ‬بقبضة‭ ‬من‭ ‬حديد‭ ‬وعلى‭ ‬امتداد‭ ‬أربعين‭ ‬سنة،‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬اقتياد‭ ‬وزراء‭ ‬ومسؤولين‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬والمحاسبة،‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬ارتكبوه‭ ‬من‭ ‬أخطاء‭ ‬وتجاوزات،‭ ‬إلا‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭. ‬حدث‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬السبعينيات‭. ‬وشملت‭ ‬العملية‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الوزراء‭ ‬والموظفين‭ ‬السامين‭ ‬الذين‭ ‬اتهموا‭ ‬بالفساد،‭ ‬وصدرت‭ ‬في‭ ‬حقهم‭ ‬أحكام‭ ‬قضائية‭. ‬لكن‭ ‬الملك‭ ‬الراحل‭ ‬عاد‭ ‬لكي‭ ‬يصدر‭ ‬عفوه‭ ‬عنهم،‭ ‬وينهي‭ ‬العملية‭ ‬في‭ ‬ظرف‭ ‬زمني‭ ‬قصير‭. ‬ومن‭ ‬يومها،‭ ‬لم‭ ‬تتم‭ ‬إقالة‭ ‬أي‭ ‬وزير‭ ‬بسبب‭ ‬خطأ‭ ‬ارتكبه،‭ ‬أو‭ ‬فساد‭ ‬تسبب‭ ‬فيه،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الحكومات‭ ‬التي‭ ‬تعاقبت‭ ‬على‭ ‬تدبير‭ ‬الشأن‭ ‬العام،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬رفع‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬حالة‭ ‬الاستثناء‭ ‬وقال‭ ‬بانطلاق‭ ‬المسلسل‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬كانت‭ ‬توصف‭ ‬بالفاسدة‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬قادت‭ ‬البلاد‭ ‬إلى‭ ‬الأزمة‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬السبعينيات،‭ ‬وبداية‭ ‬الثمانينيات،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬حكوماتنا‭ ‬قد‭ ‬أصبحت‭ ‬تلميذا‭ ‬نجيبا‭ ‬للمؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬الدولية‭ ‬مما‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬انفجارات‭ ‬اجتماعية،‭ ‬أو‭ ‬منتصف‭ ‬سنوات‭ ‬التسعينيات‭ ‬حيث‭ ‬اعترف‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬بأن‭ ‬المغرب‭ ‬أضحى‭ ‬مهددا‭ ‬بالسكتة‭ ‬القلبية‭. ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الفساد‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬علاماته‭ ‬الكبرى،‭ ‬تلك‭ ‬التخمة‭ ‬الحزبية‭ ‬التي‭ ‬عرفتها‭ ‬البلاد،‭ ‬وتدخل‭ ‬الإدارة‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬الجماعات‭ ‬المحلية،‭ ‬والغرف‭ ‬المهنية،‭ ‬ومجلس‭ ‬النواب‭.‬

قال‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬حينما‭ ‬استقبل‭ ‬‮«‬وزراء‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‮»‬،‭ ‬المتهمين‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يصدر‭ ‬عفوه‭ ‬عنهم‭: ‬‮«‬لم‭ ‬تكونوا‭ ‬شرفاء،‭ ‬وخيبتم‭ ‬ظني،‭ ‬ولكنني‭ ‬أسامحكم‭ ‬بسبب‭ ‬الخدمات‭ ‬التي‭ ‬أسديتم‭ ‬إلى‭ ‬بلدكم‭…‬واصلوا‭ ‬عملكم‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنكم‭ ‬ولدتم‭ ‬اليوم‮»‬‭ ‬في‭ ‬الوقت،‭ ‬الذي‭ ‬انتظرت‭ ‬فيه‭ ‬المعارضة‭ ‬وقتها‭ ‬متمثلة‭ ‬في‭ ‬الإتحاد‭ ‬الوطني‭ ‬للقوات‭ ‬الشعبية،‭ ‬أن‭ ‬تسير‭ ‬الأمور‭ ‬إلى‭ ‬نهايتها،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬سيساهم‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬ثقافة‭ ‬الجزاء،‭ ‬خصوصا‭ ‬حينما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بتدبير‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭. ‬لكن‭ ‬الملك‭ ‬الراحل‭ ‬وجد‭ ‬أن‭ ‬رمي‭ ‬وزراء‭ ‬جلالته‭ ‬في‭ ‬غياهب‭ ‬السجون‭ ‬وبرودة‭ ‬الزنازن،‭ ‬سيكون‭ ‬بمثابة‭ ‬هدية‭ ‬لمعارضته‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتربص‭ ‬به‭. ‬وهي‭ ‬المعارضة‭ ‬التي‭ ‬بسببها‭ ‬أعلن‭ ‬حالة‭ ‬الاستثناء،‭ ‬وأغلق‭ ‬أبواب‭ ‬البرلمان،‭ ‬ووضع‭ ‬كل‭ ‬السلط‭ ‬بين‭ ‬يديه‭. ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يكتشف‭ ‬أن‭ ‬أكبر‭ ‬معارضيه‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬فقط‭ ‬رجال‭ ‬السياسة،‭ ‬الذين‭ ‬سجن‭ ‬بعضهم‭ ‬وعذب‭ ‬البعض‭ ‬الآخر،‭ ‬ولكن‭ ‬أشد‭ ‬الخصوم‭ ‬كانوا‭ ‬هم‭ ‬بعض‭ ‬جنرالاته،‭ ‬الذين‭ ‬قادوا‭ ‬صيف‭ ‬1971‭ ‬أي‭ ‬أشهرا‭ ‬على‭ ‬محاكمة‭ ‬وزرائه،‭ ‬انقلاب‭ ‬الصخيرات‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يراهن‭ ‬على‭ ‬شخص‭ ‬الملك،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬وزيره‭ ‬الأول‭ ‬وقتها‭ ‬أحمد‭ ‬العراقي‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬نبهه‭ ‬لأمر‭ ‬الفساد،‭ ‬واقترح‭ ‬عليه‭ ‬الاختيار‭ ‬بين‭ ‬أن‭ ‬يسلم‭ ‬الوزراء‭ ‬المتهمين‭ ‬للعدالة،‭ ‬لكي‭ ‬يحمي‭ ‬حكمه،‭ ‬شريطة‭ ‬ألا‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬كيل‭ ‬بمكيالين،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بتغيير‭ ‬الوزير‭ ‬الأول‭ ‬والاحتفاظ‭ ‬بالوزراء‭ ‬المعنيين‭ ‬اعتبارا‭ ‬لكفاءتهم‭. ‬أما‭ ‬الحل‭ ‬الثالث‭ ‬الذي‭ ‬اقترحه‭ ‬العراقي،‭ ‬فهو‭ ‬تعيين‭ ‬الوزراء‭ ‬المتهمين‭ ‬سفراء‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭. ‬

بين‭ ‬فضيحة‭ ‬أوزين‭ ‬اليوم‭ ‬التي‭ ‬ستؤسس‭ ‬لمرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬عنوانها‭ ‬الأكبر‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬الحساب‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬ينتهي‭ ‬بإقالة،‭ ‬وبين‭ ‬ما‭ ‬عاشته‭ ‬مملكة‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬بسبب‭ ‬اتهام‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬وزرائه‭ ‬بالفساد،‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬نقط‭ ‬الالتقاء‭. ‬لكن‭ ‬نقط‭ ‬الخلاف‭ ‬بين‭ ‬الملفين‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬وزراء‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬اعتقلوا،‭ ‬ووقفوا‭ ‬أمام‭ ‬أنظار‭ ‬القضاء‭ ‬الذي‭ ‬أصدر‭ ‬في‭ ‬حقهم‭ ‬عقوبات‭ ‬حبسية‭ ‬تراوحت‭ ‬بين‭ ‬12‭ ‬سنة‭ ‬و4‭ ‬سنوات،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يغادروا‭ ‬سجن‭ ‬لعلو‭ ‬وهم‭ ‬شبه‭ ‬أبرياء‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نزل‭ ‬عفو‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭.‬

لقد‭ ‬سجلت‭ ‬المتابعة‭ ‬27‭ ‬قضية،‭ ‬تورط‭ ‬فيها‭ ‬وزراء‭ ‬وموظفون‭ ‬سامون،‭ ‬ورجال‭ ‬أعمال‭ ‬وتحمل‭ ‬القاضي‭ ‬الزغاري‭ ‬مسؤولية‭ ‬الفصل‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬التهم‭ ‬الثقيلة‭ ‬التي‭ ‬توبع‭ ‬بها‭ ‬المتهمون،‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬قضية‭ ‬فساد‭ ‬كبرى‭ ‬يشهدها‭ ‬المغرب‭ ‬المستقل‭. ‬فيما‭ ‬تولى‭ ‬مهمة‭ ‬الإدعاء‭ ‬العام،‭ ‬أحمد‭ ‬الوزاني‭. ‬وكلف‭ ‬القاضي‭ ‬حسن‭ ‬العوفير‭ ‬بالتحقيق‭.‬

‭ ‬وجهت‭ ‬المحكمة‭ ‬تهمة‭ ‬الفساد‭ ‬واستغلال‭ ‬النفوذ‭ ‬إلى‭ ‬المتهمين‭.‬

أما‭ ‬الاحكام‭ ‬الصادرة،‭ ‬فقد‭ ‬تراوحت‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬12‭ ‬سنة‭ ‬و4‭ ‬سنوات‭, ‬كما‭ ‬قالت‭ ‬هيئة‭ ‬المحكمة‭ ‬‮«‬إن‭ ‬المتهمين‭ ‬مدانون‭ ‬بتهمة‭ ‬الفساد‭ ‬وإستغلال‭ ‬النفوذ‭. ‬على‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬مصادرة‭ ‬ممتلكاتهم‭ ‬إلى‭ ‬حين‭ ‬تسلم‭ ‬وإستعادة‭ ‬الرشاوى‮»‬‭.‬

قضى‭ ‬المتهمون‭ ‬المدانون‭ ‬بضعة‭ ‬أسابيع‭ ‬خلف‭ ‬القضبان‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يصدر‭ ‬في‭ ‬حقهم‭ ‬العفو‭ ‬الملكي‭. ‬أما‭ ‬ممتلكاتهم،‭ ‬التي‭ ‬قيل‭ ‬إنها‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تصادر،‭ ‬فلم‭ ‬تطلها‭ ‬يد‭ ‬الدولة،‭ ‬التي‭ ‬ستكافئ‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬حينما‭ ‬ستعينه‭ ‬في‭ ‬مناصب‭ ‬مسؤولية‭ ‬حساسة‭.‬

ظل‭ ‬ملعب‭ ‬المركب‭ ‬الرياضي‭ ‬مولاي‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬الفضاءات‭ ‬التي‭ ‬يفخر‭ ‬بها‭ ‬المغرب‭ ‬منذ‭ ‬فتح‭ ‬أبوابه‭ ‬لاستقبال‭ ‬دورة‭ ‬ألعاب‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬لسنة‭ ‬1983‭.‬

وظل‭ ‬هذا‭ ‬الملعب‭ ‬يحتضن‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬التظاهرات‭ ‬ليس‭ ‬الكروية‭ ‬فقط،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الأنواع‭ ‬الرياضية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتقرر‭ ‬على‭ ‬عهد‭ ‬الوزير‭ ‬محمد‭ ‬أوزين‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلته‭ ‬استعدادا‭ ‬لكأس‭ ‬العالم‭ ‬للأندية‭ ‬في‭ ‬نسخة‭ ‬2014،‭ ‬لكي‭ ‬يعوض‭ ‬ملعب‭ ‬ادرار‭ ‬بمدينة‭ ‬أكادير،‭ ‬الذي‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬احتضن‭ ‬نسخة‭ ‬السنة‭ ‬الماضية‭. ‬واستعدادا‭ ‬لنهائيات‭ ‬كأس‭ ‬أمم‭ ‬إفريقيا‭ ‬التي‭ ‬طلب‭ ‬المغرب‭ ‬تأجيلها‭ ‬إلى‭ ‬موعد‭ ‬لاحق‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2015‭.‬

أما‭ ‬حجم‭ ‬الاستثمارات‭ ‬التي‭ ‬رصدت‭ ‬لإعادة‭ ‬الهيكلة‭ ‬هذه،‭ ‬فقد‭ ‬وصلت‭ ‬22‭ ‬مليارا‭.‬

لقد‭ ‬أطلقت‭ ‬وزارة‭ ‬اوزين‭ ‬صفقاتها‭. ‬وشرعت‭ ‬المقاولات‭ ‬في‭ ‬عملها‭ ‬الذي‭ ‬شمل‭ ‬أساسا‭ ‬تغيير‭ ‬عشب‭ ‬الملعب،‭ ‬وإصلاح‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬مرافقه،‭ ‬وتحديدا‭ ‬المدرجات‭.‬‭ ‬واعتقد‭ ‬الكثيرون‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المعلمة‭ ‬ستكون‭ ‬مفخرة‭ ‬للمغاربة،‭ ‬خصوصا‭ ‬وأن‭ ‬الملعب‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬عهد‭ ‬قريب‭ ‬قد‭ ‬قدم‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬جاهز‭ ‬لاحتضان‭ ‬نهائيات‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬لسنة‭ ‬2010‭ ‬حينما‭ ‬كان‭ ‬المغرب‭ ‬قد‭ ‬دخل‭ ‬سباق‭ ‬تنظيم‭ ‬مونديالها‭ ‬الكروي‭.‬

فجأة‭ ‬ستكشف‭ ‬الأمطار،‭ ‬التي‭ ‬تهاطلت‭ ‬على‭ ‬العاصمة‭ ‬الرباط،‭ ‬عن‭ ‬فضيحة‭ ‬بعنوان‭ ‬كبير‭ ‬وعريض‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬العشب‭ ‬الذي‭ ‬كلف‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الملايير‭ ‬لم‭ ‬يقو‭ ‬على‭ ‬الصمود‭. ‬وتحول‭ ‬الفضاء،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يحتضن‭ ‬مباراة‭ ‬في‭ ‬كرة‭ ‬القدم،‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬المسبح‭. ‬وزاد‭ ‬الأمر‭ ‬فضيحة‭ ‬حينما‭ ‬تم‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الكراطات‭ ‬والإسفنج‮»‬‭ ‬لإصلاح‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬إصلاحه‭ ‬أمام‭ ‬أنظار‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يتابع‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬الاستهزاء‭. ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬القضية‭ ‬بعدا‭ ‬سياسيا،‭ ‬ويصدر‭ ‬الديوان‭ ‬الملكي‭ ‬بلاغه‭ ‬الشهير‭ ‬بتوقيف‭ ‬كل‭ ‬أنشطة‭ ‬الوزير،‭ ‬خصوصا‭ ‬المرتبطة‭ ‬بحدث‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬للأندية،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬نتائج‭ ‬التحقيق‭ ‬الذي‭ ‬فتحه‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬بأمر‭ ‬ملكي‭.‬

لقد‭ ‬مر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬عمر‭ ‬حكومة‭ ‬عبد‭ ‬الإله‭ ‬بنكيران،‭ ‬وعمر‭ ‬وزيرها‭ ‬في‭ ‬الشباب‭ ‬والرياضة‭ ‬محمد‭ ‬أوزين‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬القطاع‭ ‬الرياضي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الاختلالات‭ ‬ما‭ ‬انعكس‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬النتائج،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الوعود‭ ‬التي‭ ‬بشر‭ ‬بها‭ ‬وزير‭ ‬القطاع‭.‬

فحينما‭ ‬نتصفح‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬حمله‭ ‬أوزين‭ ‬معه‭ ‬إلى‭ ‬الوزارة‭ ‬منذ‭ ‬تحمل‭ ‬المسؤولية،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬‭ ‬أحلام‭ ‬الوزير‮»‬‭ ‬كانت‭ ‬أكبر،‭ ‬سواء‭ ‬للقطع‭ ‬مع‭ ‬ممارسات‭ ‬الماضي‭ ‬أو‭ ‬إقرار‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الجامعات‭ ‬الرياضية‭ ‬فيما‭ ‬سماه‭ ‬الوزير‭ ‬بالحكامة‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الواقع‭ ‬سيكذب‭ ‬الكثير‭ ‬مما‭ ‬انتظرته‭ ‬الرياضة‭ ‬المغربية،‭ ‬التي‭ ‬وصفتها‭ ‬رسالة‭ ‬الملك‭ ‬بكونها‭ ‬مجالا‭ ‬للإسترزاق‭ ‬والإبتزاز‭ ‬والمحسوبية‭.‬

وإلى‭ ‬اليوم‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الجامعات‭ ‬الرياضية‭ ‬خارج‭ ‬الشرعية‭ ‬ومنها‭ ‬جامعات‭ ‬يصطلح‭ ‬عليها‭ ‬بالجامعات‭ ‬الكبيرة‭. ‬وإلى‭ ‬اليوم،‭ ‬لا‭ ‬تظهر‭ ‬بصمة‭ ‬الوزارة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالحكامة‭ ‬التي‭ ‬ضاعت‭ ‬بعض‭ ‬ملامحها‭ ‬مثلا‭ ‬حينما‭ ‬عجز‭ ‬الوزير‭ ‬أوزين‭ ‬عن‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬راتب‭ ‬المدرب‭ ‬السابق‭ ‬لمنتخب‭ ‬الكرة‭ ‬البلجيكي،‭ ‬ايريك‭ ‬غيريتس‭.‬

وإلى‭ ‬اليوم‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬ملفات‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الجامعات‭ ‬المتهمة‭ ‬بالاختلاس‭ ‬إلى‭ ‬ردهات‭ ‬المحاكم‭.‬

والحصيلة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬الرياضة‭ ‬المغربية‭ ‬ليست‭ ‬بخير‭ ‬على‭ ‬عهد‭ ‬الوزير‭ ‬الحركي،‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬الآمال‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬عليه‭.‬

لم‭ ‬يصدق‭ ‬الكثيرون‭ ‬أن‭ ‬تكشف‭ ‬تلك‭ ‬الأمطار‭ ‬التي‭ ‬عرفتها‭ ‬العاصمة‭ ‬الرباط‭ ‬عن‭ ‬فضيحة‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬ما‭ ‬عاشه‭ ‬ملعب‭ ‬المركب‭ ‬الرياضي‭ ‬مولاي‭ ‬عبد‭ ‬الله‭. ‬أما‭ ‬مبرر‭ ‬هذه‭ ‬المفاجأة‭ ‬غير‭ ‬السارة،‭ ‬فهو‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الملعب‭ ‬خضع‭ ‬للإصلاح‭ ‬أسابيع‭ ‬قبل‭ ‬انطلاق‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬للأندية‭ ‬في‭ ‬نسخة‭ ‬2014،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬الإصلاح‭ ‬كلف‭ ‬22‭ ‬مليارا‭ ‬بالتمام‭ ‬والكمال‭. ‬لذلك‭ ‬فحينما‭ ‬كان‭ ‬عمال‭ ‬الملعب‭ ‬يحملون‭ ‬الإسفنج‭ ‬و«الكراطات‮»‬‭ ‬لتفريغ‭ ‬أرضية‭ ‬الملعب‭ ‬التي‭ ‬غمرتها‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬عز‭ ‬مباريات‭ ‬هذه‭ ‬الكأس،‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تنكشف‭ ‬الحقيقة‭. ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬وزارة‭ ‬محمد‭ ‬أوزين‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تتحمل‭ ‬كامل‭ ‬مسؤوليتها‭.‬

لقد‭ ‬صنعت‭ ‬فضيحة‭ ‬‮«‬مسبح‮»‬‭ ‬الرباط‭ ‬الحدث‭ ‬الذي‭ ‬تجاوز‭ ‬حدود‭ ‬الرياضي‭ ‬ليصبح‭ ‬بحجم‭ ‬السياسة‭ ‬حينما‭ ‬دخل‭ ‬على‭ ‬الخط‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬البرلمانيين‭. ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يحسم‭ ‬بلاغ‭ ‬الديوان‭ ‬الملكي‭ ‬في‭ ‬الأمر،‭ ‬ويأمر‭ ‬بتوقيف‭ ‬كل‭ ‬أنشطة‭ ‬وزارة‭ ‬الشبيبة‭ ‬والرياضة‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬أن‭ ‬تنجلي‭ ‬خيوط‭ ‬الحقيقة‭. ‬وهي‭ ‬خيوط،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬طبيعتها،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تلغي‭ ‬مسؤولية‭ ‬أوزين‭ ‬باعتباره‭ ‬وزير‭ ‬القطاع‭ ‬الذي‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬يتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬فيما‭ ‬حدث‭.‬

وقبل‭ ‬هذه‭ ‬الفضيحة،‭ ‬طرح‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المتتبعين‭ ‬السؤال،‭ ‬هل‭ ‬تأجلت‭ ‬نهائيات‭ ‬كأس‭ ‬أمم‭ ‬إفريقيا‭ ‬2015‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬مقررا‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬فقط‭ ‬بسبب‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬تفشي‭ ‬وباء‭ ‬إيبولا،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬المبرر‭ ‬كان‭ ‬شيئا‭ ‬آخر‭.‬

ومهما‭ ‬كان‭ ‬السبب‭ ‬الحقيقي‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬طلب‭ ‬المغرب‭ ‬تأجيل‭ ‬‮«‬الكان‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬شهر‭ ‬يونيو‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬القادمة،‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬يناير‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2016،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الخطأ‭ ‬الكبير‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬دبر‭ ‬بها‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭.‬

ومرة‭ ‬أخرى‭ ‬تحملت‭ ‬وزارة‭ ‬الشبيبة‭ ‬والرياضة‭ ‬مسؤولية‭ ‬جسيمة‭ ‬فيما‭ ‬حدث‭.‬

لم‭ ‬يحسن‭ ‬محمد‭ ‬أوزين‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬قضية‭ ‬التأجيل‭ ‬حينما‭ ‬أقدم‭ ‬على‭ ‬خروجه‭ ‬الإعلامي‭ ‬معلنا‭ ‬عن‭ ‬القرار،‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬إنه‭ ‬سيادي‭ ‬ويعني‭ ‬الحكومة‭ ‬المغربية‭.‬

خطأ‭ ‬أوزين‭ ‬لم‭ ‬يتمثل‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬الخروج‭ ‬المفاجئ‭ ‬فقط،‭ ‬ولكنه‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬احترام‭ ‬متدخل‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬الكأس‭ ‬الإفريقية،‭ ‬هو‭ ‬الكونفدرالية‭ ‬الإفريقية‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬يفتح‭ ‬معها‭ ‬الوزير،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬جامعة‭ ‬الكرة،‭ ‬مفاوضات‭ ‬قبلية‭ ‬قبل‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬القرار‭. ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬مطالبا‭ ‬بإشراكها‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار،‭ ‬خصوصا‭ ‬وأنه‭ ‬يعرف‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيره‭ ‬الإكراهات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعترض‭ ‬‮«‬الكاف‮»‬‭ ‬إذا‭ ‬هي‭ ‬قبلت‭ ‬بالمقترح‭ ‬المغربي‭ ‬بالنظر‭ ‬لارتباطاتها‭ ‬المالية،‭ ‬وتعاقداتها‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المحتضنين‭ ‬والمستشهرين‭. ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬بدا‭ ‬أن‭ ‬وزير‭ ‬الشبيبة‭ ‬والرياضة‭ ‬ارتكب‭ ‬الخطأ‭ ‬القاتل‭ ‬لأن‭ ‬قراره،‭ ‬أو‭ ‬قرار‭ ‬الحكومة‭ ‬التي‭ ‬يمثلها،‭ ‬نزل‭ ‬مفاجئا‭ ‬فيما‭ ‬اعتبره‭ ‬رجال‭ ‬عيسى‭ ‬حياتو‭ ‬بمثابة‭ ‬فرض‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع‭.‬

زد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الوزير،‭ ‬وهو‭ ‬يشرح‭ ‬أسباب‭ ‬النزول‭ ‬ويحاول‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الملف‭ ‬المغربي،‭ ‬ارتكب‭ ‬خطأ‭ ‬قاتلا‭ ‬أكبر‭ ‬حينما‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬المغرب‭ ‬مستعد‭ ‬للتخلي‭ ‬عن‭ ‬التنظيم‭ ‬إذا‭ ‬وجدت‭ ‬الكونفدرالية‭ ‬الإفريقية‭ ‬من‭ ‬يعوضنا،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتراجع‭ ‬ويصحح‭ ‬خطأه‭ ‬ويقول‭ ‬إن‭ ‬المغرب‭ ‬طالب‭ ‬بالتأجيل‭ ‬فقط،‭ ‬ولم‭ ‬يطلب‭ ‬قط‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬التنظيم‭. ‬وبذلك‭ ‬اعتبر‭ ‬تدبير‭ ‬ملف‭ ‬كأس‭ ‬أمم‭ ‬إفريقيا‭ ‬2015‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬أخطاء‭ ‬أوزين‭. ‬

أخطاء‭ ‬الوزير‭ ‬كانت‭ ‬بالجملة‭ ‬منذ‭ ‬تحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬يرتبط‭ ‬بالشباب‭ ‬والرياضة‭. ‬لقد‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬محطة‭ ‬إنه‭ ‬جاء‭ ‬لمحاربة‭ ‬ما‭ ‬سماه‭ ‬‮«‬الريع‭ ‬الرياضي‮»‬‭. ‬وأضاف‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬جامعة‭ ‬خارج‭ ‬الشرعية‭ ‬لن‭ ‬تصرف‭ ‬لها‭ ‬منحة‭ ‬الوزارة‭. ‬والريع،‭ ‬حسب‭ ‬الوزير،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تصرف‭ ‬الوزارة‭ ‬منحها‭ ‬السنوية‭ ‬لجامعات‭ ‬لم‭ ‬تعقد‭ ‬جموعها‭ ‬العامة‭ ‬ولم‭ ‬تقدم‭ ‬تقاريرها‭ ‬الأدبية‭ ‬والمالية‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة،‭ ‬التي‭ ‬صفق‭ ‬لها‭ ‬الجميع،‭ ‬لم‭ ‬تشمل‭ ‬غير‭ ‬بضع‭ ‬جامعات‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬فيه‭ ‬أخرى‭ ‬تتوصل‭ ‬بمنحها‭ ‬السنوية‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تعقد‭ ‬جموعها‭ ‬العامة‭. ‬ولعل‭ ‬أكبر‭ ‬الأمثلة‭ ‬هي‭ ‬جامعة‭ ‬الكرة،‭ ‬التي‭ ‬تجاوزت‭ ‬المدة‭ ‬المخصصة‭ ‬لعقد‭ ‬جموعها‭ ‬العامة،‭ ‬وألعاب‭ ‬القوى،‭ ‬اللتان‭ ‬تصنفان‭ ‬بمثابة‭ ‬جامعات‭ ‬سيادة‭ ‬لا‭ ‬يصلها‭ ‬الحساب‭.‬

فحينما‭ ‬كان‭ ‬محمد‭ ‬اوزين‭ ‬يفتح‭ ‬ملف‭ ‬الجموع‭ ‬العامة‭ ‬للجامعات‭ ‬الرياضية،‭ ‬يقفز‭ ‬بسرعة‭ ‬البرق‭ ‬عن‭ ‬جامعتي‭ ‬الكرة‭ ‬وألعاب‭ ‬القوى‭ ‬لأنه‭ ‬يعرف‭ ‬حق‭ ‬المعرفة‭ ‬أنهما‭ ‬فوق‭ ‬سلطته‭.‬

وعلى‭ ‬عهده‭ ‬أيضا،‭ ‬تفجرت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬فضيحة‭ ‬بداخل‭ ‬بعض‭ ‬الجامعات‭ ‬الرياضية‭. ‬فبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ملف‭ ‬المنشطات،‭ ‬الذي‭ ‬ظهرت‭ ‬معالمه‭ ‬في‭ ‬أولمبياد‭ ‬لندن‭ ‬2012‭ ‬والذي‭ ‬أسقط‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الرياضيين‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬ألعاب‭ ‬القوى‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تقوى‭ ‬الوزارة‭ ‬على‭ ‬السير‭ ‬بالملف‭ ‬إلى‭ ‬نهايته‭ ‬ومعاقبة‭ ‬المتسببين‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الصورة‭ ‬التي‭ ‬ألصقت‭ ‬بهذه‭ ‬الرياضة،‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬مفخرة‭ ‬للمغاربة،‭ ‬تفجرت‭ ‬فضيحة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬البادمنتون‭ ‬عنوانها‭ ‬التلاعب‭ ‬بالعملة‭ ‬الصعبة‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬منحة‭ ‬هذه‭ ‬الجامعة‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬الخمس‭ ‬والعشرين‭ ‬مليون‭ ‬سنتيم،‭ ‬قفزت‭ ‬إلى‭ ‬100‭ ‬مليون،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الجامعات‭ ‬التي‭ ‬يشار‭ ‬إليها‭ ‬بأصابع‭ ‬الاتهام‭.‬

وبدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تفتح‭ ‬الوزارة‭ ‬تحقيقا‭ ‬وتدعو‭ ‬المصالح‭ ‬المختصة‭ ‬إلى‭ ‬تتبع‭ ‬الملف،‭ ‬اختارت‭ ‬الصمت‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تصادق‭ ‬مصالحها‭ ‬على‭ ‬جمع‭ ‬عام‭ ‬أعاد‭ ‬نفس‭ ‬الوجوه‭ ‬المتهمة‭ ‬لدفة‭ ‬التسيير‭ ‬وطوي‭ ‬الملف‭.‬

أما‭ ‬حينما‭ ‬نتوقف‭ ‬مليا‭ ‬عند‭ ‬جامعة‭ ‬الكرة،‭ ‬ولأنها‭ ‬تعتبر‭ ‬الرياضة‭ ‬الأكثر‭ ‬شعبية،‭ ‬فقد‭ ‬ظل‭ ‬ملفها‭ ‬يثير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬النقاش،‭ ‬سواء‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بجموع‭ ‬جامعتها‭ ‬أو‭ ‬بالنتائج‭ ‬السلبية‭ ‬التي‭ ‬تحصدها،‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬الإمكانيات‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬تصرف‭ ‬لها‭.‬

فعلى‭ ‬عهد‭ ‬محمد‭ ‬أوزين،‭ ‬عاشت‭ ‬هذه‭ ‬الجامعة‭ ‬على‭ ‬وقع‭ ‬الهزات‭.‬

وفي‭ ‬أول‭ ‬امتحان،‭ ‬لم‭ ‬يقو‭ ‬الوزير‭ ‬على‭ ‬كشف‭ ‬الراتب‭ ‬الشهري‭ ‬لمدرب‭ ‬المنتخب‭ ‬الوطني‭ ‬البلجيكي‭ ‬ايريك‭ ‬غيريتس‭.‬

لكن‭ ‬أكبر‭ ‬ما‭ ‬سجل‭ ‬بشأن‭ ‬هذه‭ ‬الجامعة‭ ‬هو‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تعقد‭ ‬منذ‭ ‬2009‭ ‬أي‭ ‬جمع‭ ‬عام‭. ‬ولم‭ ‬تقدم‭ ‬أي‭ ‬تقرير‭ ‬أدبي‭ ‬ولا‭ ‬مالي‭. ‬وانتظرنا‭ ‬مرور‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬عمرها‭ ‬لكي‭ ‬تعقد‭ ‬جمعا‭ ‬عاما،‭ ‬رفضت‭ ‬نتائج‭ ‬شوطه‭ ‬الأول،‭ ‬الفيفا‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬يحترم‭ ‬الشروط‭ ‬التي‭ ‬يفرضها‭ ‬الإتحاد‭ ‬الدولي‭ ‬للعبة‭.‬

المثير‭ ‬فيما‭ ‬حدث‭ ‬يومها‭ ‬من‭ ‬عراك‭ ‬وسباب‭ ‬تبادله‭ ‬أهل‭ ‬الكرة،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬وزارة‭ ‬السيد‭ ‬أوزين‭ ‬لم‭ ‬تتحرك،‭ ‬ووقفت‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬التدخل‭.‬

أما‭ ‬مع‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬أم‭ ‬الرياضات‮»‬‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬فضائح‭ ‬المنشطات‭ ‬قد‭ ‬أساءت‭ ‬لصورة‭ ‬الرياضة‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬محفل‭ ‬رياضي‭ ‬وهو‭ ‬دورة‭ ‬الألعاب‭ ‬الأولمبية‭ ‬صيف‭ ‬سنة‭ ‬2012،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬وزارة‭ ‬محمد‭ ‬اوزين‭ ‬تتابع‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬وكأن‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يعنيها‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬القضية‭ ‬وصلت‭ ‬للمؤسسة‭ ‬التشريعية‭ ‬التي‭ ‬طالبت‭ ‬بضرورة‭ ‬الضرب‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬من‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفضيحة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعني‭ ‬جامعة‭ ‬ألعاب‭ ‬القوى،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬النقاش‭ ‬والحوار‭ ‬الذي‭ ‬فتح‭ ‬لم‭ ‬ينته‭ ‬إلى‭ ‬محاسبة‭ ‬ومعاقبة‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬وراء‭ ‬الفضيحة‭.‬

ومرة‭ ‬أخرى‭ ‬تعجز‭ ‬الوزارة‭ ‬الوصية‭ ‬عن‭ ‬فرض‭ ‬القانون‭.‬

وحينما‭ ‬انتهت‭ ‬ولاية‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬للجامعة‭ ‬احيزون،‭ ‬وكان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تعقد‭ ‬هذه‭ ‬الجامعة‭ ‬جمعها‭ ‬العام‭ ‬وفق‭ ‬القانون‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬انتخاب‭ ‬مكتب‭ ‬جامعي‭ ‬جديد‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬مقام‭ ‬احيزون‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬لأنه‭ ‬استنفد‭ ‬مدة‭ ‬ولايته،‭ ‬ستتفتق‭ ‬عبقرية‭ ‬الرئيس‭ ‬على‭ ‬صيغة‭ ‬لإبقاء‭ ‬الوضع‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭. ‬فقد‭ ‬عقد‭ ‬جمعا‭ ‬خاصا‭ ‬جدا‭. ‬وقال‭ ‬الرئيس‭ ‬إنه‭ ‬سيغادر،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭. ‬وإلى‭ ‬اليوم‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬السيد‭ ‬احيزون‭ ‬يمارس‭ ‬مهامه‭ ‬كأي‭ ‬رئيس‭ ‬منتخب‭.‬

أما‭ ‬وزارة‭ ‬الشبيبة‭ ‬والرياضة‭ ‬فتتابع‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتحرك‭ ‬وكأن‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يعنيها‭.‬

أما‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بملف‭ ‬التكوين‭ ‬والدراسة،‭ ‬فالمعطيات‭ ‬تقول‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬ظل‭ ‬فيه‭ ‬المتتبعون‭ ‬يتطلعون‭ ‬لما‭ ‬ستسفر‭ ‬عنه‭ ‬تجربة‭ ‬‮«‬دراسة‭ ‬ورياضة‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬انطلقت‭ ‬بعدد‭ ‬محدود‭ ‬من‭ ‬الأنواع‭ ‬الرياضية،‭ ‬جاء‭ ‬اوزين‭ ‬لينهي‭ ‬أحلام‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يمني‭ ‬النفس‭ ‬بالاستفادة‭ ‬من‭ ‬التجربة‭.‬

لقد‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬دراسة‭ ‬ورياضة‮»‬‭ ‬قد‭ ‬شملت‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬القريب‭ ‬رياضات‭ ‬السلة‭ ‬واليد‭ ‬والطائرة‭ ‬في‭ ‬الرباط،‭. ‬وكان‭ ‬الرهان‭ ‬على‭ ‬رياضات‭ ‬مثل‭ ‬الريكبي‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬وجدة،‭ ‬والمصارعة‭ ‬والسباحة‭ ‬والتنس‭ ‬في‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭. ‬على‭ ‬أن‭ ‬تتخصص‭ ‬مدينة‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬رياضات‭ ‬الملاكمة‭ ‬والتيكواندو‭.‬

توقف‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الحلم‭ ‬مع‭ ‬مجيء‭ ‬السيد‭ ‬اوزين‭. ‬وطرح‭ ‬السؤال‭ ‬كبيرا‭ ‬عن‭ ‬السر‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬التي‭ ‬انتظرتها‭ ‬الرياضة‭ ‬المغربية‭ ‬طويلا‭.‬

أما‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمعهد‭ ‬التكوين،‭ ‬فقد‭ ‬اعتبر‭ ‬معهد‭ ‬الرياضات‭ ‬المعروف‭ ‬بمعهد‭ ‬مولاي‭ ‬رشيد‭ ‬ملاذا‭ ‬للكثير‭ ‬ممن‭ ‬يراهنون‭ ‬على‭ ‬التكوين‭ ‬وإعادة‭ ‬التكوين‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الرياضي‭.‬

وحينما‭ ‬تحمل‭ ‬اوزين‭ ‬مسؤولية‭ ‬الوزارة،‭ ‬سارع‭ ‬للقطع‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الشق،‭ ‬وأغلق‭ ‬كل‭ ‬المنافذ‭ ‬المؤدية‭ ‬للتكوين‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬أبقى‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬التخصصات‭ ‬الأخرى‭. ‬وقد‭ ‬طرح‭ ‬أهل‭ ‬الدار‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سؤال‭ ‬عن‭ ‬السر‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬خصوصا‭ ‬وأن‭ ‬الرياضة‭ ‬المغربية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬لمؤطرين‭ ‬لهم‭ ‬تكوين‭ ‬أكاديمي‭ ‬شامل،‭ ‬سواء‭ ‬تعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بكرة‭ ‬القدم‭ ‬أو‭ ‬السلة‭ ‬أو‭ ‬اليد‭ ‬أو‭ ‬الطائرة‭ ‬أو‭ ‬بألعاب‭ ‬القوى‭. ‬والحصيلة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬معهد‭ ‬مولاي‭ ‬رشيد‭ ‬بالعاصمة‭ ‬الرباط‭ ‬اليوم‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬أحدا‭. ‬وغدا‭ ‬قد‭ ‬نصبح‭ ‬على‭ ‬رياضة‭ ‬مغربية‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬المؤطرين‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يغلق‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬أبوابه‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬أبنائه‭ ‬بقرار‭ ‬غير‭ ‬مفهوم‭ ‬من‭ ‬الوزير‭.‬

وحينما‭ ‬نصل‭ ‬ملف‭ ‬الحكامة،‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬محمد‭ ‬أوزين‭ ‬ظل‭ ‬يردد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مناسبة‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬حكامة‭ ‬جيدة‭ ‬في‭ ‬تدبير‭ ‬شأن‭ ‬الرياضة‭ ‬المغربية‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يفترض‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬يطبق‭ ‬هذه‭ ‬الحكامة‭ ‬على‭ ‬الجامعات‭ ‬الرياضية،‭ ‬نكتشف‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬ظل‭ ‬يتعلل‭ ‬بين‭ ‬الفينة‭ ‬والأخرى‭ ‬بالمراسيم‭ ‬التطبيقية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬معتقلة‭ ‬في‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬للحكومة‭. ‬والحقيقة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬قانون‭ ‬التربية‭ ‬البدينة‭ ‬والرياضة،‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬دستور‭ ‬الرياضة‭ ‬المغربية،‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬صدر‭ ‬على‭ ‬عهد‭ ‬الوزير‭ ‬السابق‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الهروب‭ ‬إلى‭ ‬غياب‭ ‬المراسيم‭ ‬التطبيقية‭ ‬هو‭ ‬مجرد‭ ‬صيغة‭ ‬لكسب‭ ‬الوقت‭ ‬ليس‭ ‬إلا‭. ‬لذلك‭ ‬عاشت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأنواع‭ ‬الرياضية‭ ‬فوضى‭ ‬وارتباكا‭ ‬أثر‭ ‬على‭ ‬نتائجها،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تقو‭ ‬الوزارة‭ ‬على‭ ‬تفعيل‭ ‬القانون‭ ‬والضرب‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬المتلاعبين‭ ‬به‭.‬

وارتباطا‭ ‬بموضوع‭ ‬الحكامة،‭ ‬كان‭ ‬الوزير‭ ‬قد‭ ‬تحرك‭ ‬بحماس‭ ‬شديد‭ ‬حينما‭ ‬قال،‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬محطة،‭ ‬إنه‭ ‬لن‭ ‬يصرف‭ ‬لمن‭ ‬يعتبرهم‭ ‬أشباحا‭ ‬أجورهم،‭ ‬وإنه‭ ‬لن‭ ‬يرحم‭ ‬أحدا‭ ‬تفعيلا‭ ‬لمبدا‭ ‬حكومي‭ ‬لمحاربة‭ ‬الأشباح‭ ‬في‭ ‬الوظيفة‭ ‬العمومية‭.‬

وقال‭ ‬الوزير‭ ‬إن‭ ‬الأمر‭ ‬يعني‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الأبطال‭ ‬الرياضيين‭ ‬الذين‭ ‬يحملون‭ ‬صفة‭ ‬موظف‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الشبيبة‭ ‬والرياضة‭ ‬لكنهم‭ ‬لا‭ ‬يقومون‭ ‬بأي‭ ‬عمل‭.‬

كاتب‭ ‬الوزير‭ ‬هذه‭ ‬الفئة،‭ ‬والتي‭ ‬يتزعمها‭ ‬البطل‭ ‬الأولمبي‭ ‬هشام‭ ‬الكروج،‭ ‬لينبهها‭. ‬لكن‭ ‬وفي‭ ‬ظرف‭ ‬زمني‭ ‬قصير‭ ‬ستكون‭ ‬المفاجأة‭ ‬أن‭ ‬الوزير‭ ‬لم‭ ‬يحارب‭ ‬أشباحه،‭ ‬ولكنه‭ ‬وقع‭ ‬لهم‭ ‬قرارات‭ ‬ترقيتهم‭ ‬من‭ ‬سلم‭ ‬لآخر‭. ‬وطرح‭ ‬وقتها‭ ‬السؤال‭ ‬عن‭ ‬السر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هذا‭.‬

قال‭ ‬المتتبعون‭ ‬إن‭ ‬محمد‭ ‬أوزين‭ ‬وضع‭ ‬يده‭ ‬في‭ ‬عش‭ ‬الذبابير‭ ‬حينما‭ ‬فتح‭ ‬ملف‭ ‬الموظفين‭ ‬الأشباح‭ ‬في‭ ‬وزارته،‭ ‬خصوصا‭ ‬حينما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بأسماء‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬الكروج‭ ‬ونزهة‭ ‬بيدوان‭. ‬وقال‭ ‬اوزين‭ ‬إنهم‭ ‬عادوا‭ ‬للاشتغال‭ ‬وفق‭ ‬برنامج‭ ‬خاص‭ ‬يليق‭ ‬بوضعهم‭ ‬الاعتباري‭. ‬أما‭ ‬الترقية‭ ‬فقد‭ ‬جاءت‭ ‬بعد‭ ‬الأقدمية‭ ‬التي‭ ‬قطعها‭ ‬هؤلاء‭ ‬الموظفون‭ ‬في‭ ‬الوزارة‭ ‬فيما‭ ‬تسميه‭ ‬لغة‭ ‬الترقية‭ ‬بـ‮»‬‭ ‬التسقيف‮»‬‭. ‬والحصيلة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬ملف‭ ‬الأشباح‭ ‬فتح‭ ‬ثم‭ ‬عاد‭ ‬ليغلق‭ ‬بسرعة‭ ‬البرق‭. ‬وهو‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬النقط‭ ‬السوداء‭ ‬التي‭ ‬تحسب‭ ‬على‭ ‬الوزير‭.‬

هي‭ ‬رحلة‭ ‬وزير‭ ‬ظلت‭ ‬محفوفة‭ ‬بالمخاطر‭ ‬منذ‭ ‬تلقد‭ ‬المسؤولية،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬انفجار‭ ‬فضيحة‭ ‬ملعب‭ ‬الرباط،‭ ‬وصدور‭ ‬بلاغ‭ ‬القصر‭ ‬الملكي‭ ‬الذي‭ ‬أدان‭ ‬الوزير‭ ‬بطريقة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى،‭ ‬قد‭ ‬يذهب‭ ‬برأسه‭ ‬لتكون‭ ‬حكومة‭ ‬بنكيران‭ ‬قد‭ ‬فعلت‭ ‬شعار‭ ‬ربط‭ ‬المسؤولية‭ ‬بالمحاسبة‭.

الملك‭ ‬يعفي‭ ‬كاتب‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬الخارجية‭ ‬بعد‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬جنسية‭ ‬إسبانية‬

لم‭ ‬تشكل‭ ‬قضية‭ ‬أحمد‭ ‬الخريف،‭ ‬كاتب‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬عباس‭ ‬الفاسي،‭ ‬حدثا‭ ‬مفاجئا‭ ‬للفاعلين‭ ‬السياسيين‭ ‬فقط،‭ ‬ولكنها‭ ‬اعتبرت‭ ‬سابقة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬مملكة‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭.‬

لقد‭ ‬نزل‭ ‬قرار‭ ‬الإعفاء‭ ‬دون‭ ‬استشارة‭ ‬أحد‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوزير‭ ‬الأول‭ ‬الاستقلالي،‭ ‬الذي‭ ‬ينتمي‭ ‬إليه‭ ‬كاتب‭ ‬الدولة‭ ‬المعفى‭ ‬من‭ ‬مهامه‭. ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬يومها‭ ‬يتابع‭ ‬مناقشة‭ ‬بعض‭ ‬فصول‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬المستشارين‭ ‬حيث‭ ‬وصله‭ ‬الخبر،‭ ‬الذي‭ ‬أضحى‭ ‬بعد‭ ‬دقائق‭ ‬حقيقة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تلقى‭ ‬مكالمة‭ ‬هاتفية‭ ‬في‭ ‬الموضوع،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تبث‭ ‬تفاصيله‭ ‬وكالة‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬للأنباء‭.‬

سيغادر‭ ‬أحمد‭ ‬الخريف‭ ‬البرلمان‭ ‬ليتوجه‭ ‬رأسا‭ ‬إلى‭ ‬الديوان‭ ‬الملكي‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬تفسير‭ ‬لما‭ ‬حدث،‭ ‬خصوصا‭ ‬وأنه‭ ‬كان‭ ‬يستعد‭ ‬لتمثيل‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬وزاري‭ ‬للجامعة‭ ‬العربية‭ ‬أياما‭ ‬قبل‭ ‬نزول‭ ‬قرار‭ ‬الإعفاء‭. ‬أما‭ ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬مكتبه‭ ‬ليجمع‭ ‬ملفاته‭.‬

لقد‭ ‬نشرت‭ ‬وكالة‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬قصاصة‭ ‬مقتضبة‭ ‬بشأن‭ ‬قضية‭ ‬أحمد‭ ‬الخريف‭ ‬جاء‭ ‬فيها‭ ‬ما‭ ‬يلي‭:‬‮»‬علمت‭ ‬حكومة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬أن‭ ‬السلطات‭ ‬الإسبانية‭ ‬شرعت،‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬شهور،‭ ‬في‭ ‬منح‭ ‬الجنسية‭ ‬الإسبانية‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬سامي‭ ‬المسؤولين‭ ‬المغاربة،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء‭ ‬قد‭ ‬يجد‭ ‬تبريره‭ ‬في‭ ‬مسؤولية‭ ‬إسبانيا‭ ‬عن‭ ‬مناطق‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬كانت‭ ‬تخضع‭ ‬للحماية‭ ‬الإسبانية،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬قرر‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬أيده‭ ‬الله،‭ ‬إنهاء‭ ‬مهمة‭ ‬السيد‭ ‬أحمد‭ ‬الخريف،‭ ‬ككاتب‭ ‬للدولة‭ ‬لدى‭ ‬وزير‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والتعاون‮»‬‭. ‬ويبدو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الإعلان‭ ‬أن‭ ‬سبب‭ ‬إقالة‭ ‬الخريف‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬الجنسية‭ ‬الإسبانية،‭ ‬وليس‭ ‬شيئا‭ ‬آخر‭. ‬

كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬لهذا‭ ‬القرار،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يصدر‭ ‬عن‭ ‬بلاغ‭ ‬من‭ ‬القصر‭ ‬الملكي،‭ ‬أن‭ ‬يترك‭ ‬خلفه‭ ‬بعض‭ ‬الأسئلة‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬هل‭ ‬تم‭ ‬الاستماع‭ ‬للسيد‭ ‬الخريف‭ ‬في‭ ‬نازلة‭ ‬الجنسية‭ ‬الإسبانية‭ ‬التي‭ ‬منحت‭ ‬له؟‭ ‬وهل‭ ‬ستبادر‭ ‬السلطات‭ ‬المغربية‭ ‬إلى‭ ‬إقالة‭ ‬جميع‭ ‬المسؤولين‭ ‬المغاربة‭ ‬السامين،‭ ‬الحاصلين‭ ‬على‭ ‬جنسيات‭ ‬أجنبية؟‭ ‬ولماذا‭ ‬لم‭ ‬يفتح‭ ‬أي‭ ‬نقاش‭ ‬مع‭ ‬أحمد‭ ‬الخريف‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تخييره‭ ‬بين‭ ‬الجنسية‭ ‬الإسبانية‭ ‬ومنصبه‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية؟‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬حصول‭ ‬الخريف‭ ‬على‭ ‬الجنسية‭ ‬الإسبانية،‭ ‬وهو‭ ‬مسؤول‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية،‭ ‬يعد‭ ‬سابقة‭ ‬نظرا‭ ‬لحساسية‭ ‬موقعه،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬البعض‭ ‬قد‭ ‬تحدث‭ ‬وقتها‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أحمد‭ ‬الخريف‭ ‬كان‭ ‬يحمل‭ ‬الجنسية‭ ‬الإسبانية‭ ‬قبل‭ ‬توليه‭ ‬منصب‭ ‬كاتب‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬الخارجية،‭ ‬وأن‭ ‬السلطات‭ ‬كان‭ ‬تعلم‭ ‬بذلك‭. ‬

المتتبعون‭ ‬للعلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الإسبانية‭ ‬علقوا‭ ‬على‭ ‬خطوة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬بإعفاء‭ ‬كاتب‭ ‬الدولة،‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬السلطات‭ ‬الإسبانية‭. ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬اعتبرها‭ ‬رسالة‭ ‬موجهة‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬الاستشاري‭ ‬لشؤون‭ ‬الصحراء،‭ ‬والذين‭ ‬كانوا‭ ‬قد‭ ‬وضعوا‭ ‬هم‭ ‬أيضا‭ ‬طلبات‭ ‬لدى‭ ‬السلطات‭ ‬الإسبانية‭ ‬يطلبون‭ ‬فيها‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الجنسية‭ ‬الإسبانية‭. ‬وهي‭ ‬الخطوة‭ ‬التي‭ ‬أغضبت‭ ‬السلطات‭ ‬المغربية‭ ‬خصوصا‭ ‬وقد‭ ‬تضمنت‭ ‬عبارات‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬طلبات‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الجنسية،‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المعنيين‭ ‬يبررون‭ ‬طلب‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الجنسية‭ ‬بأنهم‭ ‬ينتمون‭ ‬إلى‭ ‬مناطق‭ ‬غير‭ ‬مستقلة،‭ ‬وأنهم‭ ‬نشؤوا‭ ‬تحت‭ ‬السيادة‭ ‬الإسبانية‭.‬

وكان‭ ‬أحمد‭ ‬الخريف،‭ ‬المنتمي‭ ‬سياسيا‭ ‬لحزب‭ ‬الاستقلال،‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬المقربين‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬‮«‬الكوركاس‮»‬‭ ‬خليهن‭ ‬ولد‭ ‬الرشيد،‭ ‬ولذلك‭ ‬فقد‭ ‬اعتبرت‭ ‬إقالته‭ ‬بمثابة‭ ‬رسالة‭ ‬لهذا‭ ‬الأخير‭ ‬بخصوص‭ ‬عدم‭ ‬تحركه‭ ‬لوقف‭ ‬طلبات‭ ‬الجنسية‭ ‬الإسبانية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بعض‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلس‭ ‬الاستشاري‭ ‬لشؤون‭ ‬الصحراء‭. ‬

لقد‭ ‬أراد‭ ‬العاهل‭ ‬المغربي‭ ‬من‭ ‬خطوة‭ ‬الإعفاء‭ ‬التي‭ ‬طالت‭ ‬أحمد‭ ‬الخريف،‭ ‬وهو‭ ‬أول‭ ‬إعفاء‭ ‬لمسؤول‭ ‬حكومي‭ ‬على‭ ‬عهد‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬أن‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬لن‭ ‬تتسامح‭ ‬مع‭ ‬طلب‭ ‬جنسية‭ ‬أجنبية،‭ ‬والتي‭ ‬تدخل‭ ‬ضمن‭ ‬رغبة‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬التميز‭ ‬عن‭ ‬باقي‭ ‬المواطنين‭ ‬المغاربة،‭ ‬إنها‭ ‬رسالة‭ ‬مزدوجة‭ ‬إلى‭ ‬الصحراويين‭ ‬وإسبانيا‭ ‬كذلك،‭ ‬تعبيرا‭ ‬عن‭ ‬غضب‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬التعامل‭ ‬الإسباني‭ ‬الخاص‭ ‬مع‭ ‬الصحراويين،‭ ‬لأنه‭ ‬يكرس‭ ‬الصورة‭ ‬بأن‭ ‬الصحراويين‭ ‬مختلفون‭ ‬عن‭ ‬سكان‭ ‬المناطق‭ ‬الأخرى،‭ ‬ويعتبر‭ ‬بمثابة‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬للمغرب‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬المغاربة‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬حصلوا‭ ‬على‭ ‬الجنسية‭ ‬الإسبانية،‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬مقدمتهم‭ ‬رئيس‭ ‬المجلس‭ ‬الملكي‭ ‬الاستشاري‭ ‬للشؤون‭ ‬الصحراوية،‭ ‬خليهن‭ ‬ولد‭ ‬الرشيد‭.‬

لقد‭ ‬شكل‭ ‬إعفاء‭ ‬أحمد‭ ‬الخريف‭ ‬الاستقلالي‭ ‬من‭ ‬مهامه‭ ‬الوزارية‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬كان‭ ‬يقودها‭ ‬عباس‭ ‬الفاسي‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للحزب،‭ ‬حدثا‭ ‬سياسيا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬باعتباره‭ ‬أول‭ ‬رجة‭ ‬تعرفها‭ ‬مملكة‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬خلفيات‭ ‬الإعفاء‭ ‬وارتباطها‭ ‬بالقضية‭ ‬الوطنية‭ ‬الأولى‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬منحها‭ ‬بعض‭ ‬الخصوصية،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تحدث‭ ‬عقبها‭ ‬أي‭ ‬أزمة‭ ‬سياسية،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحزب‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يترأس‭ ‬الحكومة،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الذين‭ ‬وجهت‭ ‬لهم‭ ‬رسالة‭ ‬الإعفاء‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلس‭ ‬الاستشاري‭ ‬لشؤون‭ ‬الصحراء،‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬قد‭ ‬دخلوا‭ ‬في‭ ‬إجراءات‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الجنسية‭ ‬الإسبانية‭.‬

يوم‭ ‬أدين‭ ‬وزراء‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬بـ‭ ‬15‭ ‬سنة‭ ‬سجنا‭ ‬بتهمة‭ ‬الفساد

ظل‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬يرفض‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مناسبة‭ ‬أن‭ ‬ينعت‭ ‬وزراء‭ ‬حكومته‭ ‬بالمفسدين‭. ‬وكان‭ ‬يواجه‭ ‬وزيره‭ ‬الأول‭ ‬وقتها‭ ‬أحمد‭ ‬العراقي‭ ‬برفض‭ ‬فتح‭ ‬سيرة‭ ‬الفساد،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬معارضته‭ ‬الاتحادية،‭ ‬مبررا‭ ‬ذلك‭ ‬بكون‭ ‬خصومه‭ ‬السياسيين‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬صيغة‭ ‬للانتقام‭ ‬والتشفي‭.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬جنرال‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬المدبوح‭ ‬سيحمل،‭ ‬وهو‭ ‬عائد‭ ‬من‭ ‬زيارة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قام‭ ‬بترتيب‭ ‬زيارة‭ ‬خاصة‭ ‬للملك‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا،‭ ‬تقريرا‭ ‬عن‭ ‬تورط‭ ‬بعض‭ ‬وزراء‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬رشوة

حينما‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬وثائق‭ ‬تثبت‭ ‬تورط‭ ‬مسؤولين‭ ‬مغاربة‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬فساد‭ ‬وإرتشاء‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬بانام‮»‬‭ ‬الأمريكية‭ ‬للطيران،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬تشييد‭ ‬فندق‭ ‬بمدينة‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء‭. ‬تقول‭ ‬الوثائق‭ ‬التي‭ ‬حملها‭ ‬الجنرال‭ ‬المدبوح،‭ ‬واطلع‭ ‬عليها‭ ‬الوزير‭ ‬الأول‭ ‬وقتها‭ ‬أحمد‭ ‬العراقي،‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬يتم‭ ‬مقابل‭ ‬عمولات‭ ‬ورشاوى،‭ ‬وكان‭ ‬كل‭ ‬مشروع‭ ‬استثماري‭ ‬يخضع‭ ‬للمساومات‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مسؤولين‭ ‬سعوا‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الاغتناء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭. ‬تقرير‭ ‬المدبوح،‭ ‬أضاف‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬المتورطين‭ ‬سبعة‭ ‬وزراء،‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬السامين‭ ‬ورجال‭ ‬أعمال‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬متحمسا‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬لمتابعة‭ ‬وزرائه‭, ‬واكتفى‭ ‬بمعاتبتهم‭ ‬حينما‭ ‬قال‭ ‬لهم‭ ‬‮«‬لم‭ ‬تكونوا‭ ‬شرفاء،‭ ‬وخيبتم‭ ‬ظني،‭ ‬ولكنني‭ ‬أسامحكم‮»‬‭. ‬ولذلك‭ ‬ربط‭ ‬البعض‭ ‬بين‭ ‬فضيحة‭ ‬وزراء‭ ‬حكومة‭ ‬الملك،‭ ‬الذي‭ ‬اختار‭ ‬حمايتهم‭ ‬والصفح‭ ‬عنهم،‭ ‬وبين‭ ‬انقلاب‭ ‬الصخيرات،‭ ‬الذي‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬حركته‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬خصوصا‭ ‬وأن‭ ‬المدة‭ ‬الفاصلة‭ ‬بين‭ ‬الحدثين‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تتجاوز‭ ‬الثلاثة‭ ‬أشهر‭. ‬

قال‭ ‬تقرير‭ ‬الجنرال‭ ‬المدبوح‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬الوزراء‭ ‬والموظفين‭ ‬السامين‭ ‬يتعاطون‭ ‬الرشوة‭. ‬وأضاف‭ ‬أن‭ ‬المسمى‭ ‬عمر‭ ‬بنمسعود،‭ ‬صاحب‭ ‬شركة‭ ‬للتسيير‭ ‬والتمثيل‭ ‬الدولي،‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يتوسط‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭. ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يقتسم‭ ‬العمولات‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬يحصل‭ ‬عليها‭ ‬مع‭ ‬الوزراء‭ ‬والموظفين‭ ‬السامين‭ ‬المتهمين‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬القضية‭. ‬وأضاف‭ ‬التقرير‭ ‬أن‭ ‬المبالغ‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تسلم‭ ‬كرشوة،‭ ‬ظلت‭ ‬تدفع‭ ‬لحساباتهم‭ ‬البنكية‭ ‬بالمغرب‭ ‬وبالخارج‭ ‬بالدولار‭. ‬والخلاصة،‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬سبعا‭ ‬وعشرين‭ ‬قضية‭ ‬رشوة‭ ‬وفساد‭ ‬هي‭ ‬مجموع‭ ‬ما‭ ‬تورط‭ ‬فيه‭ ‬هؤلاء‭.‬

سيترأس‭ ‬القاضي‭ ‬الزغاري‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الخاصة،‭ ‬التي‭ ‬حوكم‭ ‬أمامها‭ ‬الوزراء‭ ‬والموظفون‭ ‬السامون‭ ‬ورجال‭ ‬الأعمال‭ ‬المتهمون،‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬قضية‭ ‬فساد‭ ‬كبرى‭ ‬يشهدها‭ ‬المغرب‭ ‬المستقل‭. ‬أما‭ ‬الإدعاء‭ ‬العام،‭ ‬فقد‭ ‬تحمله‭ ‬أحمد‭ ‬الوزاني‭. ‬فيما‭ ‬قام‭ ‬بالتحقيق‭ ‬مع‭ ‬المتهمين‭ ‬القاضي‭ ‬حسن‭ ‬العوفير‭.‬

وكان‭ ‬عدد‭ ‬المتهمين‭ ‬14‭ ‬شخصا،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فر‭ ‬منهم‭ ‬اثنان‭ ‬خارج‭ ‬البلاد‭ ‬وهما‭ ‬هنري‭ ‬هانسون،‭ ‬وبرنارد‭ ‬ليفي‭. ‬حيث‭ ‬سيتم‭ ‬إيداع‭ ‬الجميع‭ ‬السجن‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬نقلهم‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬ظروفهم‭ ‬الصحية‭. ‬وكان‭ ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بكل‭ ‬من‭ ‬مامون‭ ‬الطاهري،‭ ‬وزير‭ ‬سابق‭ ‬في‭ ‬المالية‭. ‬ومحمد‭ ‬الجعيدي،‭ ‬وزير‭ ‬سابق‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭. ‬ومحمد‭ ‬العيماني،‭ ‬كاتب‭ ‬الدول‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬الأشغال‭ ‬العمومية‭ ‬والنقل‭ ‬ومدير‭ ‬عام‭ ‬سابق‭ ‬لمكتب‭ ‬الأبحاث‭ ‬والمساهمات‭ ‬المعدنية،‭ ‬وعبد‭ ‬الكريم‭ ‬الأزرق،‭ ‬وزير‭ ‬سابق‭ ‬للإقتصاد‭.‬

وعمر‭ ‬بنمسعود،‭ ‬الذي‭ ‬شغل‭ ‬عدة‭ ‬مناصب‭ ‬إدارية‭ ‬هامة‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الإستقلال،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬استقالته‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1960‭ ‬ويؤسس‭ ‬شركة‭ ‬للتسيير‭ ‬والتمثيل‭ ‬الدولي‭ ‬ويصبح‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬بالمغرب‭. ‬وناصر‭ ‬بلعربي،‭ ‬وهو‭ ‬مدير‭ ‬سابق‭ ‬لمكتب‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬المغربية‭ ‬الراحل‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬إبراهيم،‭ ‬ومدير‭ ‬سابق‭ ‬للمكتب‭ ‬الوطني‭ ‬للأبحاث‭ ‬والمساهمات‭ ‬المعدنية‭ ‬وكاتب‭ ‬عام‭ ‬سابق‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭. ‬وإدريس‭ ‬بلبشير،‭ ‬وهو‭ ‬موظف‭ ‬سام‭ ‬بالمكتب‭ ‬الوطني‭ ‬للأبحاث‭ ‬والمساهمات‭ ‬المعدنية،‭ ‬ومحمد‭ ‬البلغمي،‭ ‬وهو‭ ‬رجل‭ ‬أعمال‭.‬

في‭ ‬البدء،‭ ‬قرر‭ ‬القاضي‭ ‬حسن‭ ‬العوفير‭ ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬اثنين‭ ‬من‭ ‬المتهمين‭ ‬مؤقتا‭ ‬هما‭ ‬دايفيد‭ ‬عمار،‭ ‬وهو‭ ‬رجل‭ ‬أعمال‭. ‬ومحمد‭ ‬العيماني،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬توجه‭ ‬المحكمة‭ ‬تهمة‭ ‬الفساد‭ ‬واستغلال‭ ‬النفوذ‭ ‬إلى‭ ‬المتهمين‭ ‬الباقين‭.‬

وقد‭ ‬تولى‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬المتهمين‭ ‬نخبة‭ ‬من‭ ‬المحامين‭ ‬المعروفين،‭ ‬ومن‭ ‬بينهم‭ ‬أحمد‭ ‬رضا‭ ‬اكديرة،‭ ‬الوزير‭ ‬السابق‭ ‬للديوان‭ ‬الملكي،‭ ‬وعبد‭ ‬الكريم‭ ‬بنجلون،‭ ‬ومحمد‭ ‬التبر،‭ ‬وعبد‭ ‬الرحيم‭ ‬برادة،‭ ‬وموسى‭ ‬عبود‭. ‬

وجاء‭ ‬في‭ ‬وثيقة‭ ‬الاتهام‭ ‬أن‭ ‬الشرطة‭ ‬القضائية‭ ‬إنتبهت‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬1971‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الوزراء‭ ‬وكبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬يتسلمون‭ ‬رشاوي‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬بنمسعود‭ ‬بغية‭ ‬تسهيل‭ ‬الاستثمار‭ ‬الأجنبي‭ ‬بالمغرب‭. ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬استطاع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عمليات‭ ‬والوساطة‭ ‬والسمسرة‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬مبالغ‭ ‬ضخمة‭ ‬من‭ ‬العمولات‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬شركة‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬إنجاز‭ ‬مشاريع‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬وكان‭ ‬يقتسم‭ ‬هذه‭ ‬العمولات‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الوزراء‭ ‬وكبار‭ ‬المسؤولين‭. ‬وترتبط‭ ‬أغلب‭ ‬القضايا‭ ‬بمشاريع‭ ‬المكتب‭ ‬الوطني‭ ‬للأبحاث‭ ‬والمساهمات‭ ‬المعدنية،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يحيى‭ ‬الشفشاوني‭ ‬يتولى‭ ‬إدارته‭ ‬العامة‭.‬

وشملت‭ ‬المخالفات‭ ‬مبالغ‭ ‬وصلت‭ ‬في‭ ‬المجموع‭ ‬إلى‭ ‬10‭.‬215‭.‬000‭ ‬درهم‭ ‬صدرت‭ ‬بموجبها‭ ‬عقوبات‭ ‬بمقتضى‭ ‬المواد‭ ‬33‭ ‬و34‭ ‬و35‭ ‬من‭ ‬اللائحة‭ ‬التي‭ ‬بموجبها‭ ‬تتشكل‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الخاصة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المادة‭ ‬129‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭.‬

ورفضت‭ ‬المحكمة‭ ‬طعون‭ ‬هيئة‭ ‬دفاع‭ ‬المتهمين‭ ‬الوزراء،‭ ‬التي‭ ‬اعترضت‭ ‬على‭ ‬أهلية‭ ‬المحكمة‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬الدعوى،‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يعتبروا‭ ‬موظفي‭ ‬خدمة‭ ‬مدنية‭ ‬بموجب‭ ‬المادة‭ ‬224‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭.‬

ورفض‭ ‬الادعاء‭ ‬العام‭ ‬طلبات‭ ‬هيئة‭ ‬الدفاع‭ ‬بالاستماع‭ ‬لعدة‭ ‬شخصيات‭ ‬كشهود،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬سفيري‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفياتي‭ ‬وألمانيا‭. ‬ومدير‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬لإعادة‭ ‬الإعمار‭ ‬والتنمية،‭ ‬ومديري‭ ‬بعض‭ ‬المصارف‭.‬

انطلقت‭ ‬جلسات‭ ‬استجواب‭ ‬المتهمين‭ ‬داخل‭ ‬المحكمة‭ ‬بتاريخ‭ ‬11‭ ‬أكتوبر‭ ‬1972،‭ ‬ليتم‭ ‬إعلان‭ ‬الاحكام‭ ‬بتاريخ‭ ‬15‭ ‬دجنبر‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬السنة‭.‬

وخلال‭ ‬جلسات‭ ‬الاستجواب،‭ ‬أجاب‭ ‬كل‭ ‬المتهمين‭ ‬بأنهم‭ ‬غير‭ ‬مذنبين‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬اعترف‭ ‬بتسلم‭ ‬مبالغ‭ ‬مالية‭ ‬لدواعي‭ ‬تشييد‭ ‬فيلات‭ ‬أو‭ ‬لمواجهة‭ ‬مسؤوليات‭ ‬قانونية‭ ‬متعددة،‭ ‬أو‭ ‬لتغطية‭ ‬نفقات‭ ‬سفر‭ ‬أو‭ ‬غيره،‭ ‬فيما‭ ‬اعتبر‭ ‬آخرون‭ ‬أنهم‭ ‬مجرد‭ ‬ضحايا‭ ‬وأكباش‭ ‬فداء‭ ‬يؤدون‭ ‬تبعات‭ ‬انقلاب‭ ‬الصخيرات،‭ ‬فيما‭ ‬أنكر‭ ‬عبد‭ ‬الكريم‭ ‬الأزرق‭ ‬كل‭ ‬التهم‭ ‬الموجهة‭ ‬إليه‭. ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬كرامته‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬له‭ ‬مطلقا‭ ‬بارتكاب‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬التهم‭ ‬الموجهة‭ ‬إليه‭.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬اعترافات‭ ‬عمر‭ ‬بنمسعود،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬أول‭ ‬المعتقلين،‭ ‬ورطت‭ ‬عدة‭ ‬متهمين،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أنكروا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نسب‭ ‬إليهم،‭ ‬مضيفين‭ ‬أن‭ ‬أقوالهم‭ ‬السابقة‭ ‬انتزعت‭ ‬منهم‭ ‬تحت‭ ‬الضغط‭.‬

وتقدم‭ ‬الإدعاء‭ ‬العام،‭ ‬في‭ ‬شخصية‭ ‬أحمد‭ ‬الوزاني،‭ ‬بمرافعته‭ ‬التي‭ ‬تضمنت‭ ‬العقوبات‭ ‬المطلوبة،‭ ‬فطالب‭ ‬بتطبيق‭ ‬المواد‭ ‬من‭ ‬33‭ ‬إلى‭ ‬35‭ ‬من‭ ‬اللائحة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬بموجبها‭ ‬تشكيل‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الخاصة،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬المتهمين‭ ‬بعقوبات‭ ‬تتراوح‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬15‭ ‬سنة‭ ‬و5‭ ‬سنوات‭.‬

وبعد‭ ‬الاستماع‭ ‬إلى‭ ‬دفوعات‭ ‬هيئة‭ ‬الدفاع‭ ‬التي‭ ‬اعتبرت‭ ‬أن‭ ‬المتهمين‭ ‬قدموا‭ ‬الكثير‭ ‬للبلاد‭ ‬ولترقية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬وطالبت‭ ‬ببراءتهم‭ ‬وتساءلت‭ ‬عن‭ ‬الأسباب‭ ‬وراء‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬اعترفات‭ ‬عمر‭ ‬بنمسعود‭ ‬كقرائن‭ ‬لاتهام‭ ‬موكليها،‭ ‬وتصريحات‭ ‬المتهمين،‭ ‬أدخلت‭ ‬القضية‭ ‬للمداولة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬النطق‭ ‬بالأحكام‭ ‬يوم‭ ‬15‭ ‬دجنبر‭ ‬1972،‭ ‬حيث‭ ‬نطق‭ ‬القاضي‭ ‬أحمد‭ ‬الزغاري‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬كل‭ ‬المتهمين‭ ‬والتي‭ ‬تراوحت‭ ‬بين‭ ‬12‭ ‬سنة‭ ‬و4‭ ‬سنوات‭.‬

‭- ‬يحيى‭ ‬الشفشاوني‭, ‬العقوبة‭ ‬السجنية‭ ‬12‭ ‬سنة‭ ‬و‭ ‬غرامة‭ ‬10000‭ ‬درهم‭.‬

‭- ‬مامون‭ ‬الطاهري،‭ ‬العقوبة‭ ‬السجنية‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬وغرامة‭ ‬10000‭ ‬درهم‭.‬

‭- ‬عمر‭ ‬بن‭ ‬مسعود‭ ‬العقوبة‭ ‬السجنية‭ ‬8‭ ‬سنوات‭ ‬وغرامة‭ ‬9000‭ ‬درهم‭.‬

‭- ‬محمد‭ ‬الجعيدي،‭ ‬العقوبة‭ ‬السجنية‭ ‬8‭ ‬سنوات‭ ‬وغرامة‭ ‬5000‭ ‬درهم‭.‬

‭- ‬عبد‭ ‬الحميد‭ ‬كريم،‭ ‬العقوبة‭ ‬السجنية‭ ‬4‭ ‬سنوات‭ ‬وغرامة‭ ‬9000‭ ‬درهم‭.‬

‭- ‬ناصر‭ ‬بلعربي،‭ ‬العقوبة‭ ‬السجنية‭ ‬4‭ ‬سنوات‭ ‬وغرامة‭ ‬500‭ ‬درهم‭.‬

‭- ‬إدريس‭ ‬بلبشير،‭ ‬العقوبة‭ ‬السجنية‭ ‬4‭ ‬سنوات‭ ‬وغرامة‭ ‬5000‭ ‬درهم‭.‬

‭- ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬بنشقرون،‭ ‬العقوبة‭ ‬السجنية‭ ‬4‭ ‬سنوات‭ ‬وغرامة‭ ‬5000‭ ‬درهم‭.‬

كما‭ ‬أعلنت‭ ‬المحكمة‭ ‬أن‭ ‬المتهمين‭ ‬مدانون‭ ‬بتهمة‭ ‬الفساد‭ ‬واستغلال‭ ‬النفوذ،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬مصادرة‭ ‬ممتلكاتهم‭ ‬إلى‭ ‬حين‭ ‬تسلم‭ ‬واستعادة‭ ‬الرشاوى‭.‬

ستعلق‭ ‬السفارة‭ ‬البريطانية‭ ‬على‭ ‬حدث‭ ‬محاكمة‭ ‬وزراء‭ ‬الملك،‭ ‬باعتبارها‭ ‬أول‭ ‬قضية‭ ‬محاكمة‭ ‬للوزراء‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬اعتبرته‭ ‬مثيرا‭. ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تبين،‭ ‬تضيف‭ ‬سفارة‭ ‬بريطانيا،‭ ‬أنها‭ ‬وسيلة‭ ‬استباقية‭ ‬استغلها‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬الوضع‭. ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬عدة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬المرافعات،‭ ‬وبعد‭ ‬صدور‭ ‬الأحكام،‭ ‬أطلق‭ ‬الملك‭ ‬سراح‭ ‬المدانين‭ ‬قبل‭ ‬إتمام‭ ‬عقوباتهم،‭ ‬فالملك‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬كان‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يتعين‭ ‬القيام‭ ‬به‭ ‬هو‭ ‬إصلاح‭ ‬عمل‭ ‬المسؤولين،‭ ‬أما‭ ‬الرشوة‭ ‬فكانت‭ ‬موجودة‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬العصور‭. ‬

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.