الشباب ….. من 16 ماي 2003 الى 15 شتنبر 2024 ، ماذا تغير!

0

بقلم الدكتور يوسف الشفوعي

قبيل احداث 16 ماي 2003 الأليمة ، كانت تؤلمني مظاهر شباب من جيلي و في نفس عمري آنذاك في مقتبل العمر و يشاركوننا نفس الفضاء إلى أن حدث ما حدث و بعدها انطلقت عدة مبادرات لاسترجاع الشباب و كل ما نعرفه من إصلاح الحقل الأمني و الديني و الاجتماعي و كنت شاهد عيان على ذلك في ظل العهد الجديد آنذاك و ذكاء ملك و حركية مجتمع للوقوف من جديد.
قبيل احداث 15 شتنبر 2024 و قبلها خلال السنوات الاخيرة و خلالها.ها نحن نقف اليوم على ما وقع في سياق مغاير تماما على الأحداث السابقة الذكر ،لكن الثابت هو نفس الفاعل و المتهم و الضحية ايضا الذي هو ” الشباب ” مع تغير الأجيال و الوسائل و عدد من الحيثيات، بعد أكثر من 20 سنة ، و نحن نؤمن جميعا أن الشباب و العنصر البشري هو الرأسمال الحقيقي للمغرب و هو ما فتئ يؤكده جلالة الملك في كل مرة و هو ما تشير اليه كل الدراسات و أحدها توصيات لجنة النموذج التنموي الجديد، إلا أن الشباب مع تغير الوقت تغيرت العقليات و توسعت فضاءات الاشتغال و أثرت التكنولوجيا و وسائل الاتصال و التواصل حيث أصبحت صور نمطية جاهزة لتوجيه الرأي العام كان لها بالغ الاثر في نشر نوع من خطابات التيئيس و تبخيس المنتوج المعروض ، و ضعف الفاعل الرسمي في بعض الحالات في التواصل مع هاته الفئة ذات المزاج المتقلب ، جعل من الفضاءات الالكترونية مدخل للتأثير و الاستقطاب و التوجيه و نشر نماذج للشباب الناجح سواء في الداخل من خلال العمل السهل و الذي يجني أموال طائلة في وقت قصير مع تسويق للمظاهر دون الوقوف على الحقيقة، و من جهة آخرى تسويق للجنة الموعودة في أوربا من خلال تسويق مزيف لمنتج في داخله عادي و لكن ماكينة الماركوتينيغ و التسويق الرقمي جعلته حلم كل باحث عن فرصة ” كرامة مزيفة” لان في الواقع كرامة هؤلاء الشباب حق و مطلب اساس ولكن في حدود المستطاع و من خلال الفرص المتاحة مع التحفيز على العمل الجدي و الاجتهاد و تطوير الذات ، إلا أن النموذج الجاهز طغى على عقلية الشباب و جعل حلم العبور يعمي و يطمس الذكاء المغربي الذي يجب أن يستحضره الشباب لإحراج الفاعل الرسمي للخروج بحلول عملية و ذات أثر في الواقع دونما الاخلال و الاحراج المتبادل لأي طرف .
ان الشباب كثروة و ثورة هادئة في اتجاه التنمية لكل بلد ينشدها، يجب التعاطي مع قضاياه بجدية و خرص و حسن نية مع مراعاة تطور الأجيال و صعوبة التاطير مع فضاء رقمي مفتوح على العالم ، مع الحرص على استغلال الفضاءات التي تستقطب أكبر عدد من الشباب للتوجيه ، و تاطير المؤثرين و تقاسم التجارب الناجحة من الوسط الذي ينتمون اليه لجعلها محفز إيجابي للتغيير للأفضل.
رغم قساوة المشهد فإن له تداعيات إيجابية يكون لها ما بعدها ، مع التأكيد أن الوطنية و حب الوطن لن تغيره الظروف و الوقائع لدى هؤلاء الشباب رغم كل ما حصل ، فالمغرب عرف حملات كبيرة للهجرة بكيفيات مختلفة لكن واقع ارتباط المغاربة بوطنهم و ملكم و الصورة الحضارية التي يسوقونها و الاسهام الكبير في الاقتصاد الوطني كلها عوامل تشفع لهؤلاء الشباب ، و تحملنا المسؤولية جميعا للتعاطي الجدي و الايجابي مع قضاياهم المنبثقة من واقعهم الذي لم يوفر لهم فرصة ثانية لإعادة احتضانهم من جديد .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.