الأمن أولاً: لا تهاون مع المقاهي والملاهي المخالفة للقانون في مراكش
محمد الأصفر -مراكش
في ظل الحملات الأمنية المستمرة ضد مقاهي الشيشة والملاهي الليلية في مراكش، لا بد من التوقف عند أسس هذه التدابير التي تثير جدلاً واسعاً في الأوساط المتضررة من أصحاب المقاهي والكباريهات. وعلى الرغم من الحديث عن الصدمة والذهول التي تصيب الزبائن في أثناء المداهمات، فإن الواجب الوطني والأخلاقي يستدعي النظر إلى الصورة الأوسع التي تتعلق بالصحة العامة، الأمن المجتمعي، والالتزام بالقوانين.
من يتابع الجدل الدائر حول هذه القضية، سيتساءل بلا شك: لماذا كل هذا الدفاع عن نشاط غير قانوني في مجمله، يساهم بشكل مباشر في نشر سلوكيات ضارة؟ من المستغرب أن يُطرح تساؤل حول ضرورة تقنين نشاط يقدم موادًا مسمومة ومضرة بالصحة، مثل الشيشة، لمجرد أنها قد تدر على خزينة الدولة بعض المداخيل. هل هذا هو المنطق الذي يجب أن يسود في دولة تسعى لحماية صحة مواطنيها؟
إن ما يحاول بعض أصحاب هذه المؤسسات الترويج له من أن الحملات الأمنية تؤثر على مداخيلهم، يغفل تماماً أن الأنشطة غير القانونية مهما كانت مداخلها ليست مبررة، بل إن المجتمع كله مطالب بمواجهة تلك الممارسات التي تشكل خطراً حقيقياً على صحة الأفراد، وخاصة الشباب. ليس من المعقول أن نتغاضى عن الأضرار الصحية التي يسببها تدخين الشيشة، أو المخاطر الاجتماعية والأمنية التي ترافق هذه الفضاءات. نحن أمام ظاهرة تتطلب موقفاً حازماً ومسؤولاً من الجهات المعنية، وليس تهاوناً أو تقنيناً.
وفيما يخص الترويج لفكرة أن هذه المداهمات “تثير الرعب” في نفوس الزبائن، يجب أن نسأل: من الذي يجب أن يخاف؟ هل المواطن الذي يحترم القانون ويبتعد عن الأفعال الضارة، أم أولئك الذين يصرون على ممارسة أنشطة غير قانونية؟ إن تطبيق القانون، بحزم وصرامة، هو واجب أمني لا يُمكن التشكيك فيه، بل يجب الإشادة به وتعزيزه.
إن الحديث عن تراجع المداخيل جراء هذه الحملات الأمنية لا يمكن أن يكون مبرراً لتجاهل مصلحة المجتمع الأكبر، وهي صحة المواطنين وأمنهم. واللجوء إلى الضغط عبر “مسؤولين نافذين” لن يغير حقيقة أن القانون يجب أن يُطبق على الجميع، دون استثناءات أو محاباة.
وهنا نتسائل : ماذا تستفيد الدولة فعلياً من نشاط تجاري غير مرخص وغير قانوني؟ الشيشة، التي يتم تقديمها في هذه الفضاءات، لا تدر أي مداخيل لخزينة الدولة بشكل مباشر أو غير مباشر لأنها تمارس في غياب أي إطار قانوني واضح أو ضرائب مفروضة.
إننا اليوم أمام ضرورة أن تتحمل كل الأطراف مسؤولياتها، و يجب على السلطة أن تتدخل بحزم لوضع حد لكل من يحاول تبخيس الجهود الكبيرة التي تبذلها السلطات الأمنية في حماية المجتمع. من غير المقبول أن يتم التقليل من قيمة هذه الحملات التي تهدف إلى الحفاظ على الأمن والصحة العامة، وتطبيق القانون. فالتشكيك في هذه الإجراءات أو محاولة تصويرها على أنها مجرد تضييق على الحريات التجارية، هو تحريف للواقع، لأن حماية المجتمع تأتي في المقام الأول. السلطات الأمنية تقوم بواجبها الوطني، وعلى الجميع أن يدرك أن القانون فوق الجميع، وأن الحفاظ على المصلحة العامة يتطلب موقفاً حازماً ومسؤولاً.