التغطية الصحية للمحامين بالمغرب: بين مكتسبات التعاضدية وقرارات AMO
محمد الأصفر
في 24 فبراير 2007، خطت جمعية هيئات المحامين بالمغرب خطوة مهمة نحو تحسين الوضع الاجتماعي للمحامين، من خلال تأسيس “التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب”، في إطار مقتضيات ظهير 12 نونبر 1963 المتعلق بالنظام الأساسي للتعاون المتبادل. هذه المبادرة جاءت استجابة لحاجة ملحة لتوفير تغطية صحية شاملة للمحامين وعائلاتهم، وضمان استقرارهم الاجتماعي.
رحلة التأسيس: من الفكرة إلى الواقع
لم يكن تأسيس التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب مشروعاً بسيطاً؛ فقد تطلب العمل الجاد والتخطيط المحكم. لمدة خمسة أشهر، عملت لجنة مختصة على إعداد مشروع متكامل للنظام الأساسي والنظام الداخلي، بالتعاون مع خبير متخصص. بعد ذلك، عُرض المشروع على الجمع العام التأسيسي بالدار البيضاء في 23 يونيو 2007، حيث تم التصديق عليه بالإجماع، ومن ثم تقديمه إلى وزارتي التشغيل والاقتصاد للمصادقة الرسمية.
في ديسمبر 2007، وبعد ستة أشهر من الاجتماعات المتواصلة، حصلت التعاضدية على الموافقة المبدئية. وتوجت هذه الجهود بالإعلان الرسمي عن انطلاق التعاضدية يوم 25 يناير 2008، خلال حفل حضره مسؤولون كبار، من بينهم وزير العدل ووزير التشغيل. وبعد نشر قرار الترخيص في الجريدة الرسمية يوم 28 فبراير 2008، بدأت التعاضدية في تقديم خدماتها من مقرها المؤقت بدار المحامي في الدار البيضاء.
التوسع والإنجازات: خدمات متطورة واستجابة سريعة
سرعان ما التحقت جميع الهيئات بالمشروع الطموح، وبلغ عدد الهيئات المنخرطة 17 هيئة من مختلف أنحاء المغرب. لم تتوقف الإنجازات عند هذا الحد، بل شملت نقل المصالح الإدارية إلى مقر جديد بشارع المقاومة في الدار البيضاء يوم 10 أبريل 2010، وتأسيس “الصندوق المستقل للتعويض عن الوفاة” الذي بدأ نشاطه رسمياً في 1 يناير 2009. وقد كان لهذا الصندوق دور محوري في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والمهني للمحامين وعائلاتهم.
التحديات الجديدة: معركة الحفاظ على المكتسبات
بعد مرور 18 عاماً من النجاح، تواجه التعاضدية تحدياً جديداً يتمثل في إلزام المحامين بالاندماج في نظام التغطية الصحية الإجبارية (AMO). هذا القرار أثار استياءً واسعاً بين المحامين، خاصة أن التعاضدية كانت قد نجحت، منذ إنشائها، في تقديم تغطية صحية شاملة وفعالة للمحامين وأسرهم. يرى العديد من المحامين أن النظام الجديد قد يؤدي إلى إلغاء المكتسبات التي حققتها التعاضدية على مر السنوات، والتي تمثل نموذجاً للعمل التعاوني الناجح.
المحامون يدعون إلى فتح حوار جاد مع السلطات المعنية لإيجاد حلول تراعي خصوصيات المهنة وتحافظ على الحقوق الاجتماعية التي ناضلوا من أجلها. في ظل هذا السياق، يبقى الأمل قائماً في أن يتم الوصول إلى توافق يحترم مصالح الجميع، ويضمن استمرار التغطية الصحية المستقلة للمحامين.
خاتمة
تمثل التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب إنجازاً فريداً في مجال التعاون الاجتماعي بالمغرب، حيث ساهمت في تحسين ظروف المحامين الاجتماعية والمهنية. ومع التحديات الحالية، يبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن التعاضدية من الحفاظ على مكتسباتها، أم أن الضغوط الجديدة ستفرض تغييرات جذرية على نظام التغطية الصحية للمحامين؟