نسيم السعيدي يكتب: ظاهرة التفكك الأسري: الأطفال ضحايا الطلاق والطمع قد يؤدي إلى الهلاك

0

تعد ظاهرة التفكك الأسري من القضايا الاجتماعية المؤلمة التي تؤثر على المجتمعات في مختلف أنحاء العالم. إذ لا تقتصر تداعياتها على الزوجين فحسب، بل تمتد لتشمل الأبناء الذين يُعتبرون من أكثر الضحايا تأثراً بهذه الظاهرة. في مجتمعنا العربي، يشهد الطلاق معدلات متزايدة في السنوات الأخيرة، مما يطرح العديد من التساؤلات حول تأثير هذا الواقع على الأطفال ومستقبلهم.

عندما ينفصل الوالدان، يمر الأطفال بحالة من الصدمة النفسية العميقة التي قد تؤثر في سلوكهم وعلاقاتهم الاجتماعية على المدى الطويل. فالأطفال في هذه الحالة غالباً ما لا يفهمون السبب وراء الطلاق، وقد يتصورون أن ثمة ذنباً يعود إليهم، مما يولد لديهم شعوراً بالذنب والعزلة. كما أن الانفصال يضعهم أمام تحديات اقتصادية واجتماعية قد تؤثر على جودة حياتهم وفرصهم المستقبلية.

النقطة الأكثر أهمية التي يجب أن نأخذها في الاعتبار هي أن التفكك الأسري لا يعني فقط غياب أحد الوالدين عن حياة الطفل، بل يعني فقدان الأمان العاطفي الذي يحتاجه الطفل لينمو بشكل صحي. فالأطفال يحتاجون إلى بيئة مستقرة تساعدهم على تكوين هويتهم وتطوير مهاراتهم الاجتماعية والنفسية. وعندما تفقد هذه البيئة استقرارها، يواجه الطفل مشاكل في التعامل مع التوتر والغضب، وحتى في بناء علاقات ناجحة في المستقبل.

لكن هناك جانب آخر يجب أن نلتفت إليه، وهو تأثير الطمع على قرارات الأسرة، خاصة في حالات الطلاق. فالطمع قد يدفع بعض الأشخاص إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة قد تؤدي إلى الهلاك. في كثير من الحالات، يسعى أحد الزوجين إلى الاستفادة المادية من الطلاق، مما يزيد من تعقيد الوضع ويؤثر سلباً على الأطفال الذين يصبحون ضحايا لهذا الصراع. الزوجة، في بعض الحالات، قد تتعرض للضغط النفسي والمادي نتيجة لهذه المطامع، مما يجعلها في حالة من التوتر والخوف المستمر. هذا النوع من التفكك لا يُضر بالطفل فقط، بل قد يؤدي إلى هلاك الشخص نفسه سواء عاطفياً أو اجتماعياً.

من جهة أخرى، يجب أن نتساءل عن دور المجتمع في التصدي لهذه الظاهرة. فبالرغم من أن الطلاق ليس قراراً سهلاً، إلا أن مجتمعاتنا لا توفر دائماً الدعم الكافي للأسر المتضررة. في كثير من الحالات، يُترك الأطفال دون رعاية نفسية متخصصة، مما يزيد من تعقيد مشاكلهم. من هنا، يصبح من الضروري توفير برامج توعية للأسر حول أهمية التفاهم والحوار لحل المشكلات الزوجية، وأهمية تزويد الأطفال بالدعم النفسي والمجتمعي خلال فترة ما بعد الطلاق.

يجب أن نكون واعين تماماً للأثر الكبير الذي يتركه التفكك الأسري على الأجيال القادمة. فالأسرة هي الركيزة الأساسية للمجتمع، وإذا اهتزت هذه الركيزة، فإن المجتمع ككل سيعاني من تدهور في قيمه الاجتماعية والنفسية. لذا، ينبغي أن نعمل جميعاً من أجل بناء بيئة أسرية صحية ومستقرة تسهم في تنشئة أطفال قادرين على مواجهة تحديات الحياة بثقة وأمل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.