الصداقة الحقيقية في أوقات المحنة
الحدث 24 بقلم: نسيم السعيدي
في الحياة، لا شيء يختبر مدى صدق العلاقات مثل المحن والأزمات. في تلك اللحظات التي يتسلل فيها اليأس إلى أعماقنا، نجد أنفسنا بحاجة ماسة إلى رفيق يتقاسم معنا الأحزان، ويعيد إشعال شعلة الأمل بداخلنا. الصداقة الحقيقية هي تلك التي تزهر في الظلام، وتبقى صامدة رغم العواصف، صداقة تتجلى في الأفعال وليس في الأقوال.
وجدت نفسي في يوم من الأيام غارقًا في بحر من الاكتئاب، أبحث عن مخرج من نفق مظلم بلا نهاية في الأفق. شعرت بالخذلان من أناس اعتبرتهم يومًا أصدقاء، لكنهم تخلوا عني في أوقات حاجتي. وسط هذا العدم، برزت شخصية استثنائية، كالنجم الذي يضيء سماءً حالكة السواد، صديقة وصديق كانوا أكثر من مجرد رفاق؛ كانوا ملاذًا آمنًا.
هذه الصديقة، لم تكن مجرد وجه عابر في حياتي. كانت صوتًا يهمس بالراحة والطمأنينة، كانت اليد التي مدت لي في أحلك الظروف. بكلماتها البسيطة، استطاعت أن تعيد لي ما فقدته من ثقة بالنفس. طلبت مني شيئًا واحدًا فقط: أن أعتني بنفسي. لم تترك الأمر عند حدود الكلام، بل شاركتني في البحث عن حلول، وواجهت معي تلك المشاكل التي بدت مستعصية.
أدركت أن الصداقة الحقيقية تتجسد في تلك الوجوه النيرة التي تمنحنا شعورًا بالأمان والصدق. في زمن يعج بالمصالح والانتهازية، يصعب العثور على من يتخذ من المواقف أفعالًا، وليس مجرد أقوال عابرة. هذه الصداقة التي تصمد أمام الاختبارات، هي ما يجعل للحياة معنى وقيمة.
كما في الأندلس، تلك الأرض التي علمتني دروسًا في الحياة، حيث يُبعد عنا أولئك الذين نكروا الجميل، ويقربنا من الذين لا يمكننا الاستغناء عنهم. هؤلاء هم الأصدقاء الحقيقيون الذين يشاركوننا أفراحنا وأحزاننا، والذين يجعلون من رحلة الحياة تجربة مليئة بالمعاني الجميلة.
الصداقة الحقيقية هي الحضور الدائم والدعم غير المشروط. ومع وجود مثل هؤلاء الأصدقاء في حياتنا، نصبح أكثر قدرة على مواجهة الصعاب، وأكثر شكرًا لوجودهم.