إسبانيا تصدم الجزائر مجددًا: التمسك بمغربية الصحراء يُفشل محاولات التقارب

0

الحدث 24 / ن س

بعد أيام من لقاء وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف مع نظيره الإسباني خوسيه مانويل ألباريس بجنوب إفريقيا، يتوجه وزير الداخلية الجزائري، اليوم الاثنين، إلى مدريد للقاء نظيره الإسباني فرناندو غراندي-مارلاسكا.

تأتي هذه التحركات، وفق وسائل إعلام إسبانية، في إطار محاولات متواصلة من الجزائر لتطبيع علاقاتها مع إسبانيا بعد سنوات من التوتر، خاصة بعد قرار مدريد في مارس 2022 دعم موقف المغرب بشأن الصحراء المغربية، وهو ما أثار غضب الجزائر ودفعها إلى اتخاذ إجراءات تصعيدية.

يثير التقارب الحالي بين الجزائر وإسبانيا تساؤلات حول دلالاته السياسية، خصوصًا في ظل تزايد الدعم الأوروبي لمغربية الصحراء، بقيادة دول كبرى مثل فرنسا وإسبانيا وألمانيا. فقد شهدت السنوات الأخيرة تحولًا ملحوظًا في المزاج الدولي تجاه هذا النزاع، حيث تواجه الجزائر عزلة متزايدة بسبب تمسكها بدعم جبهة البوليساريو، بينما يحظى المغرب بتأييد متصاعد على الساحة الدولية.

ويرى المراقبون في هذه التحركات الجزائرية استسلامًا سياسيًا أمام الدول الأوروبية الداعمة للمغرب، ومحاولة لإعادة التموضع الاستراتيجي في ظل المعطيات الجديدة، مع السعي إلى تقليل عزلتها واستعادة بعض نفوذها الدبلوماسي.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي لحسن أقرطيط إن النظام الجزائري لا يجد مخرجًا سوى الإقرار بالحقائق الجديدة حول نزاع الصحراء، وأهمها التوجه العام الأوروبي الداعم للمغرب. وأوضح أن الجزائر استنزفت جميع أدوات الضغط ووسائل الابتزاز تجاه أوروبا، لكنها لم تحقق أي نتائج ملموسة.

وأشار أقرطيط إلى فشل محاولات الجزائر في التأثير على إسبانيا، رغم إغلاق أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، وسحب السفير، وقطع العلاقات الدبلوماسية، وتعليق اتفاقيات الشراكة. ورغم كل ذلك، لم تغير الحكومة الإسبانية موقفها الداعم لمغربية الصحراء.

وأضاف المحلل ذاته أن الدبلوماسية الجزائرية تواجه “واقعًا جديدًا”، يتمثل في تصاعد الدعم الدولي لمغربية الصحراء، سواء على مستوى الاتحاد الأوروبي أو داخل العالم العربي، إلى جانب إخراج ملف الصحراء من أجندة الاتحاد الإفريقي، باعتباره اختصاصًا حصريًا لمجلس الأمن. كما أشار إلى تغير مواقف بعض الدول التي كانت تدعم البوليساريو، مثل بعض دول أمريكا الجنوبية والدول الإسكندنافية.

من جانبه، يرى العباس الوردي، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن الجزائر تحاول كسب ودّ بعض الأنظمة التي كانت تعاديها سابقًا، في محاولة لاستمالتها لدعم موقفها. لكنه يؤكد أن النظام الجزائري يواجه عزلة متزايدة على المستوى الإقليمي والدولي، ما انعكس على دوره داخل العديد من المنظمات القارية والدولية.

وأضاف الوردي أن النظام الجزائري يسعى إلى تلميع صورته أمام المجتمع الدولي، لكن سياساته السابقة و”تنامي منسوب العدائية” جعلا من الصعب أن يحظى بثقة المجتمع الدولي مجددًا.

وأوضح أن الجزائر تحاول إعادة العلاقات إلى طبيعتها مع إسبانيا وغيرها من الدول، ولكن هذه الدول باتت تدرك حقيقة النظام العسكري الجزائري، ودوره في دعم الانفصال والتجييش الإرهابي في المنطقة، بدلًا من توجيه مقدراته لخدمة شعبه.

في ظل التحولات المتسارعة في المواقف الدولية بشأن ملف الصحراء المغربية، يبدو أن الجزائر تحاول التكيف مع الواقع الجديد بعد فشل محاولاتها السابقة في الضغط على إسبانيا وأوروبا. وبينما تسعى إلى فك عزلتها الدبلوماسية، تبقى التساؤلات مطروحة حول مدى قدرتها على استعادة نفوذها، خاصة في ظل استمرار دعم القوى الكبرى لموقف المغرب بشأن وحدته الترابية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.