أكاديميون ومحاميون يقدمون إشكاليات اصلاح منظومة القضاء والأمن بالمغرب
د. المصطفى بوجعبوط
نظم المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية بشراكة مع المركز المغربي للديمقراطية والأمن ورشة تفاعلية بتاريخ 22/03/2025 في موضوع “العدالة الانتقالية بالمغرب: الإصلاح المؤسساتي – القضاء والأمن نموذجا”، عبر تطبيق الزوم.
بمشاركة السادة الأساتذة:
• د.احزرير عبد المالك، أستاذ علم السياسة وعضو الجمعية المغربية للعلوم السياسية وخبير لدى المركز الوطني للبحث العلمي بالرباط؛
• د.مساعد عبد القادر،أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق- طنجة، ومنسق ماستر حقوق الانسان، ورئيس المركز العلمي الدولي للحوار والمناقشة حول الأبعاد الجديدة لحقوق الإنسان؛
• ذ.مصطفى المنوزي، أمين عام شبكة أمان المغرب للحماية والوقاية من التعذيب؛ رئيس المركز المغربي للديموقراطية والأمن . رئيس أكاديمية الحكامة التشريعية والأمن القضائي
• ذ.عبد العالي الصافي، محام بهيئة المحامين القنيطرة؛
• د محمد امغار، دكتور في الحقوق، تخصص العلوم السياسية والقانون الدستوري، محام بهيئة المحامين بالدارالبيضاء؛
• تسيير وإدارة الجلسة:د. المصطفى بوجعبوط، مدير المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية.
افتتح السيد المصطفى بوجعبوط الورشة بشكره لجميع المحاضرين وبعد تحديد الاطار العام للورشة، تم اعطاء الكلمة للأستاذ مصطفى منوزي الذي ذكر بموضوع الندوة الذي أشار من خلالها الى أن مسألة القضاء والأمن بالمغرب مازالا ينتميان إلى المجال المحفوظ الذي لا يمكن لأي أحد اقتحامهما، وبالتالي ضرورة التفكير في مسار الأمن والقضاء بعد مرور 20 سنة من إصدار توصية هيئة الانصاف والمصالحة.
وقدم الدكتور المصطفى بوجعبوط، مدير المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية، باعتباره مسير وإدارة الجلسة، أرضية الندوة، واعتبر أن موضوع “العدالة الانتقالية بالمغرب الإصلاح المؤسساتي القضاء والامن نموذجا”. مع العلم ان اغلب التجارب التي اعتمدت اليات العدالة الانتقالية اوصت ضمن تقاريرها الختامية على ضرورة القيام بالإصلاحات المؤسساتية باعتبارها طرف رئيسي بشكل مباشر او غير مباشر للانتهاكات السابقة. وعليه يتحتم اتخاذ مجموعة من الإصلاحات القانونية والمؤسساتية بعد الانتقال الى مرحلة أكثر استقرارا، ويصبح من خلالها اصلاح تلك المؤسسات من أولويات النظام السياسي القائم. وذلك من اجل التغيير وشعور الضحايا و الافراد بالرضى نحو المؤسسات الجديدة، باعتبارها القلب النابض للعدالة الانتقالية، ومن ضمن هذه المؤسسات قطاع الامن بأنواعه والقضاء باعتباره أجهزة أساسية ضمن أجهزة الدولة التي يجب ممارسة عملها وتجويد بنيتها القانونية والمهنية. لأجل القطع مع ادبيات وسرديات الانتهاكات والتجاوزات غير القانونية وجعل الامن والقضاء في خدمة المواطن.
المداخلة الأولى للدكتور احزرير عبد المالك، أستاذ علم السياسة وعضو الجمعية المغربية للعلوم السياسية وخبير لدى المركز الوطني للبحث العلمي بالرباط؛
وأشار أن المناقشة ستكون حول الحصيلة، انطلاق الورش سنة 2011 والاصلاحات الدستورية، حصيلة 2011 الى اليوم. أولا كانت مرحلة الاوراش ثم مرحلة التوافق والمصادقة والتنفيذ ما اتفق عليه. الآن نقوم بالتقييم حول الاصلاحات وآثرها.
أولا العدالة الانتقالية كانت شرط من الشروط الأخرى للدمقرطة والانتقال الديمقراطي. لو لم تكن المصالحة لا يمكن أن يكون الانتقال الى الديمقراطية ثم التنمية من بعد. العدالة الانتقالية هي خط من الخطوط، نعتبرها شرطا من الشروط.
نحن عندما نريد الاصلاح لا نفصله عن التاريخ دائما نجد الجانب التقليدي والمنظومة الدستورية لا تنسينا مجموعه من المشروعيات التي توجد في الدولة المغربية. كإمارة المؤمنين مجموعة من الشرعنات التي تبقى مترسخة وهذه من ترسبات التاريخ . وبالتالي لا نفهم الإصلاح هو مسألة مجموعة من القواعد. الإصلاح متجدر. هل بالمقاربة الدستورية نستطيع أن نحدث مسار انتقالي من السلطة والتسلط الى الديمقراطية.
هذه المقاربة الدستورية لا تفي بالغرض ولا يمكن أن تضمن الانتقال من السلطوية إلى الديمقراطية. هناك التفاعل الاجتماعي القوى الاجتماعية، مدى قوة، الوعي العام، مشكلة النخب. عوامل شتى التي نضيفها لكي نعطي الإصلاح حقيقته. هل نحن نسير فيه أو لا، لأن المقاربة الدستورية سارت في خطين إما عمودي وأفقي. عمودي، تقوية العلاقات بين الافراد والدولة. وأفقي، منح الثقة للأفراد فيما بينهم وبين تنظيمات المؤسسات. هذا هو المبتغى ولا شك أن المدخل الكبير هو النخب وهو أساسي من أجل التحول و الانفتاح على الشركاء لأن البداية بالإصلاح في منظومة حماية المواطن، بناء مشروع مجتمعي.
مسألة الإصلاح في الحالة المغربية ليست بالأمر السهل فالدراسات والأبحاث خلصت الى استعصاء فهم بنية النسق السياسي المغربي. ليس هكذا الاصلاح وخاصة كما قال الأستاذ منوزي المنظومة الأمنية والقضائية مجال محفوظ ليس منفتح على المجتمع المدني أن يقول كلمته فيه. لذا لا نستغرب أن نجد التعدد في فهم المغرب. كالأطروحات المرتبطة بالسوسويولوجيا الكولونيانية والنظرية الانقسامية فهم النسق جون واتر بوري، أو النسق الانتروبولوجي لعبدالله حمودي. يقول الجابري هل اصلاح المخزن يمكن أن يكون. او بما اننا لدينا المؤسسة الملكية النواة الجوهرية في الدولة. إلى أي حد يمكننا أن نزعزع هذا المخزن ونحسن أداءه ، لذلك فهذه المنظومة تتعدى الانتقال .
أما المداخلة الثانية للدكتور مساعد عبد القادر، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق- طنجة، ومنسق ماستر حقوق الانسان، ورئيس المركز العلمي الدولي للحوار والمناقشة حول الأبعاد الجديدة لحقوق الإنسان؛
حاول التركيز على المؤسسة القضائية باعتبارها مدخل جميع الاصلاحات. ونوه بمجموعة من الاصلاحات التشريعية التي عرفها المغرب اي هناك دينامية مقبولة وان هناك منجزات بعد دستور 2011،غير أن هذا الانتقال تؤخذ عليه بعض الملاحظات منها: أن هذا الانتقال كان مغلق تجعل منه علبة سوداء لا تسمح بالمشاركة، وانه مازال محافظ وهذا يؤدي إلى عدم الانتقال بالجهاز القضائي إلى مؤسسة لحماية حقوق الانسان.
النقطة الاخرى هناك بطء وهذا التباطء اي أن هناك نوع من الخوف من الانتقال من مؤسسة قضائية كانت شريكة في الانتهاكات الى مؤسسة حامية لحقوق الانسان، رابعا: هناك تردد في الاصلاح الشامل ويتعلق بالقانون التنظيمي . واعتبر ان القاضي في المغرب يكون ملزم بتطبيق القانون وملزم بحماية الحقوق والحريات. ولكن إذا تعارض هذين العنصرين الاثنين ينبغي على القاضي التمسك بعنصر حماية الحقوق والحريات. خامسا: الاصلاح البنيوي والاصلاح الوظيفي. وتطرق الى التجارب المقارنة في اصلاح القضاء باعتبار القاضي في هذه التجارب هو الذي يشرع ويؤثر في المؤسسات التشريعية. وتساءل هل هناك جسور بين المؤسسة القضائية والتشريعية في المغرب والح على ضرورة اعادة النظر في بعض الممارسات القضائية. كما تحدث عن اهمية الاجتهاد القضائي. واخير تحدث عن تعويم الاصلاح المؤسساتي. وخلص الى ضرورة تقوية القضاء .
أما المداخلة الثالثة للأستاذ مصطفى المنوزي، أمين عام شبكة أمان المغرب للحماية والوقاية من التعذيب؛ رئيس المركز المغربي للديموقراطية والأمن. رئيس أكاديمية الحكامة التشريعية والأمن القضائي
اشار الى ضرورة اصلاح القضاء وتعزيز حقوق الانسان كما اشار الى أن الدولة المغربة تعاني من اللايقين واستحضر الاصلاحات في بداية العهد الجديد وركز نقطتين مهمتين عرفهما العهد الجديد، وهي المفهوم الجديد للسلطة. والمفهوم الجديد للعدل وتساءل عن مصير مجلس الدولة والمجلس الاعلى للأمن نظرا لأهمية هتين المؤسستين في اصلاح المنظومة القضائية والامنية. مما يفسر تراجع الدولة عن الاصلاحات وهذا ما تؤكده مجموعة من التقارير الدولية، وتحدث عن عدم وجود اصلاحات عميقة مما يكرس مقولة ما “اعطي باليد اليمنى يؤخذ باليد اليسرى “. وخلص إلى أنه في دولة اللايقين يصعب مصالحة القضاء مع المجتمع. وأكد على ضرورة انشاء مجلس الدولة على غرار التجارب المقارنة. وتحدث عن الانتقال السياسي الديمقراطي وربطه بالانتقال الامني. وخلص الى أن القضاء والامن في المغرب لا يدخ مازالا خارج السياسة العامة بالمغرب.
أما المداخلة الرابعة للأستاذ عبد العالي الصافي، محام بهيئة المحامين القنيطرة؛
الذي تحدث عن وجود تباعد كبير ببن القوانين والممارسة، وبالتالي فهذا اللبس والتباعد يؤثرا على العمل القضائي كما تحدث عن دور وأهمية المسطرة الجنائية باعتبارها الوثيقة الثانية بعد الدستور من حيث الأهمية ودعا إلى ضرورة مراجعة المسطرة الجنائية بنفس دستور 2011، وخلص إلى أن مازال في المغرب بالنسبة لهذه الاصلاحات، نتراجع خطوتين الى الوراء مقابل خطوة الى الامام. وانتقل الى الحديث عن اصلاح النيابة العامة باعتبارها تتمتع بسلطة تفتيشية ومسطرة اتهامية، وتحدث عن امكانية الاستغناء عن مبدأ الملاءمة وتعويضه بمبدأ المشروعية. واستعرض بعد ذلك بعض تجارب مقارنة في مجال القضاء والامن منوها الأخذ بها في هذا مجال اصلاح القضاء واشار الى ان الانتهاكات التي حدثت في الماضي ساهم فيها القانون وليس القضاء فقط وفي الاخير أشار الى أن العدالة الانتقالية ليست نقيضة للعدالة التقليدية والفرق بينهما يكمن في المسطرة فقط.
أما المداخلة الأخيرة للدكتور محمد امغار، تخصص العلوم السياسية والقانون الدستوري، محام بهيئة المحامين بالدارالبيضاء؛
أشار الى أن العدالة الانتقالية هي امتداد للعدالة التقليدية لكنها بوسائل اخرى وان تطرق للتجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية والتي سعت الى مقاربة 3عناصر اساسية، الحقيقة، جبر الضرر، اصلاح المؤسسات. ومن خلال توصية هيأة الانصاف والمصالحة يتبين أن القضاء والأمن كانا مساهمين في الانتهاكات .وتحدث أيضا على مستجدات دستور 2011 في شأن القضاء من خلال استعمال السلطة القضائية وعدم خضوع القضاة لاي تعليمات .ومن خلال هذه التعديلات نلمس توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. كما عرف المغرب انفتاحا مهما ترتب عنه مصادقة المغرب على مجموعة من الاتفاقيات الدولية وتحدث عن استقلال النيابة العامة. وخلص الى أن المغرب قطع اشواط مهمة في نصوص القانون، غير أن الممارسات توحي لنا بشيء آخر. وفي الأخير رأى الاستاذ أن الاصلاح مرتبط بالمجتمع نفسه.
وفي ختام المداخلة تدخل الاستاذ المصطفى بوجعبوط بعد التفاعل مع الأسئلة من لدن المحاضرين وشكر جميع المتدخلين خلال هذه الندوة التفاعلية مطالبا منهم ايفاء المركز بملخص مداخلتهم قصد اعداد التقرير حول هذه الورشة التفاعلية.