جيراندو.. سقوط بيدق الفتنة إلى الأبد

0

لطالما كان مصير الخونة واحدًا: سقوطٌ مدوٍّ في وحل العار، بعد أن تنتهي صلاحيتهم كأدوات رخيصة تُستخدم لمآرب معينة، ثم يُرمى بهم كما تُرمى النفايات. جيراندو، الذي قضى سنوات في خدمة أسياده من كابرانات الجزائر، لم يكن استثناءً لهذه القاعدة. بعدما باع نفسه بثمن بخس، وكرّس جهده لترويج الأكاذيب وتشويه الحقائق، وجد نفسه في النهاية وحيدًا، متخليًا عنه من قبل أولئك الذين كانوا يحركونه كدمية.

من كندا، حيث كان يتلقى تمويله المشبوه، إلى إندونيسيا، حيث انتهى به المطاف في حالة يُرثى لها، عاش جيراندو رحلة الهروب المستمر. ظن أن المال قادر على شراء الأمان، وأن خيانته ستضمن له مستقبلاً مشرقًا، لكنه لم يدرك أن من يبيع وطنه، يبيعه الجميع في النهاية. لم يعد هناك من يمد له يد العون، ولم يعد هناك من يموله لنشر المغالطات، ولم تبقَ سوى حقيقة واحدة: سقوطه المدوي في العزلة واليأس.

الضغوط النفسية التي عاشها نتيجة انكشاف حقيقته لم تمر دون آثار واضحة. مع تلاشي الدعم وانكشاف خيانته، بدأ جسده ينهار تحت وطأة القلق والتوتر. بدأت بقع البرص تظهر على جلده، وكأنها علامة جسدية على الانهيار الأخلاقي الذي سبقه. كانت تلك الأعراض انعكاسًا لحالة إنسانية بائسة، لشخص أدرك متأخرًا أن كل ما بناه كان سرابًا، وأنه مجرد بيدق أُحرقت أوراقه.

جيراندو لم يكن سوى أداة في يد أسياده، يردد ما يُملى عليه دون تفكير، لكنه لم يدرك أن الأدوات تُستبدل بسهولة. اليوم، لا أحد يذكره إلا كمثال للخيانة والانحطاط، بعد أن أصبح مسخرة حتى لمن كان يصفق له في الماضي. أولئك الذين كانوا يتظاهرون بتشجيعه، أصبحوا اليوم يسخرون من ضعفه وتخبطه. لم يعد هناك أمل في استعادة ما فُقد، ولم تعد هناك فرصة للعودة، فالتاريخ لا يرحم، ومن يختار طريق الخيانة، لا يجد في نهايته سوى الندم.

هكذا يسقط بيادق الفتنة، وهكذا تنتهي حكايات الطوابير العدميين الذين ظنوا أن بيع الضمير يمكن أن يؤمن لهم مستقبلاً. لكن الحقيقة كانت أقسى مما توقعوا: الخيانة لا تصنع الرجال، ولا تبني مجدًا، بل تفتح أبواب العزلة والمذلة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.