«البايرة»..حين تتحول العنوسة إلى وصمة عار

0

24ميديا:اكرام أوشن

 مفهوم العنوسة في المصطلح الشعبي العامي يعني «البايرة»، ويقصد بها كل فتاة تأخرت عن سن الزواج المتفق عليه اجتماعيا. وفي عرف المجتمع أن «البايرة» هي الفتاة التي لم تعد صالحة للزواج لأن قطار الزمن تجاوزها.

هذا المصطلح مأخوذ في الحقيقة من قولهم «بارت الأرض» إذا فسدت ولم تعد صالحة للزراعة، وهذه إشارة واضحة إلى أن الفتاة التي بلغت السن التي حددها المجتمع ولم تتزوج، لا تستطيع الإنجاب أو على الأقل تكون خصوبتها ضعيفة، ومن ثم يتبرم الشباب من الزواج بها. ومصطلح «البايرة» قبيح ومستهجن وهو جارح ومهين لكل فتاة توصف به. فالعنوسة ظاهرة اجتماعية تعاني منها العديد من البلدان، وككل ظاهرة فهي مثل الوباء قابلة للانتشار وبسرعة إذا لم تجفف المنابع التي تمدها بالقوة، بل يمكنها أن تتحول إلى كارثة اجتماعية تؤرق المجتمع، وتدفع به إلى الهاوية إذا لم تعالج في الوقت المناسب وبالعلاج الفعال. قد يبدو للوهلة الأولى أن العنوسة مسألة شخصية تتعلق بالفرد ذكرا كان أم أنثى، لكن الواقع عكس ذلك، لأن الفرد ركيزة أساسية ومن مجموع الأفراد يتكون المجتمع .

الرعاية النفسية للفتاة العازبة

محور الرعاية النفسية للعانس هو أن تجد معنى للحياة، فالحياة يمكن أن تعاش بطرق كثيرة، ويمكنها أن تأخذ معاني متعددة. وإن كان الزواج يحقق الكثير من الاحتياجات الفطرية الأساسية للمرأة وللرجل، فإنه في حال تعذره أو في حال الزهد فيه أو رفضه، يمكن إجراء تعديلات وتحويلات على خريطة الاحتياجات، بحيث يتم إعادة التوزيع حتى تصل الفتاة إلى أقرب حالة ممكنة من التوازن والإشباع.

ولكل فتاة خريطتها الخاصة من الاحتياجات، ولها أيضاً طريقتها في إعادة توزيع الاحتياجات وتحقيق الإشباع، فبعض الفتيات ربما يوسعن شبكة العلاقات الاجتماعية وبعضهن ربما يعمقن علاقاتهن العائلية فيندمجن أكثر في العائلة ويعتمدن على رعاية أطفال الأخوات ورعاية المرضى وكبار السن، وبعضهن يندمجن في العمل ويحاولن تحقيق إنجازات مهنية عالية ومشرفة، وبعضهن الآخر يتجهن نحو العلم فيجدن فيه معنى ساميا وراقيا للحياة، وبعضهن يتجهن إلى تذوق الجمال أو صنعه في الأدب أو الفن، وبعضهن يتسامين إلى عالم من الروحانيات يعشن فيها لذات روحية لا حدود لها، وبعضهن ربما يجدن في العمل الخيري سعادة كبيرة بينما يجد البعض الآخر سعادة في ممارسة الرياضة .

المهم أن تعرف الفتاة أن للحياة طرائق كثيرة وأن آلاف الأبواب مفتوحة للتعبير عن الذات وإشباعها، وهذا ينقذها من السقوط في بئر اليأس والقنوط والاكتئاب. وحين تجد الفتاة مسارات ذات معنى لحياتها تصبح أكثر مناعة ضد تلميحات وتصريحات المحيطين بها وتعليقاتهم على عدم زواجها ونظرات الشفقة أو الشماتة الصادرة من هنا أو هناك، إذ حين تجد المعنى فهي تصبح أكثر تأكداً من طريقها وخياراتها، وتغدو أكثر قوة في مواجهة الحياة بدون رجل سواء كانت هذه الحياة باختيارها أو رغماً عنها.

هذا وكتب عالم النفس «فيكتور فرانكل» «نظرية العلاج بإحياء المعنى»، وهي تتلخص في أن من يجد معنى لحياته هو الأكثر سعادة واستقرارا والأكثر مقاومة للاضطرابات العضوية والنفسية. وعكس ذلك فإن من يفتقد المعنى يسقط في قاع الحياة ويصاب بالكثير من اضطرابات الجسد والنفس.

وفي التعامل النوعي مع مشكلة العنوسة علينا أن نفرق بين نوعين من العوانس: النوع الأول هو الفتاة غير الراغبة في العنوسة، والنوع الثاني هو الفتاة التي اختارت طريق العنوسة بإرادتها (بوعي أو بغير وعي).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.