حكاية القتل والانتحار بسلاح الخدمة
24ميديا:متابعة
يشكل سلاح الخدمة وعلى الدوام معضلة كبيرة لحامليه على اختلاف رتبهم، إذ يبقى الشغل الشاغل لهم طيلة مدة عملهم هو العناية والاهتمام به، خوفا من ضياعه في ظروف غامضة، وما قد يترتب عن ذلك من عواقب وخيمة قد تصل إلى حد المتابعة القضائية والفصل عن العمل وغيرها من العقوبات الأخرى.
ويعتبر ضياع سلاح الخدمة من صاحبه خطأ مهنيا جسيما غير مقبول لدى كل الإدارات التي يسمح لرجالها بحمل السلاح، بعدما يتلقون تداريب وتكاوين لاستعماله في حالة الضرورة، إما دفاعا عن النفس من خطر محتمل أو إيقاف مجرمين أو تحرير رهينة، وغيرها من التدخلات الأخرى التي تتطلب استعمال الذخيرة الحية.
ويحق للمدنيين ببلادنا أيضا حمل هذه الوسيلة واستعمالها شريطة توفرهم على تراخيص إدارية من الجهات المختصة، حيث أن غالبية التراخيص ببلادنا تهم أسلحة القنص، وأي ضياع لهذه الوسيلة يخلق استنفارا أمنيا مكثفا بحثا عن السلاح المفقود خوفا من أن يسقط بين أيادي غير آمنة قد تستعمله في عمليات إجرامية من شأنها أن تهدد أمن وسلامة المواطنين.
لم يقف هاجس سلاح الخدمة بالنسبة لحامليه عند نقطة ضياعه، فحتى كيفية استعماله ولحظة الاستعانة به شكلت أيضا عبئا ثقيلا عليهم، فكم من رجل أمن تعرض للعقاب والتوبيخ والتنقيل أيضا رغم أنه استعمل السلاح في مواجهة مجرم، وفي حالة الدفاع عن النفس إلا أنه لا يسلم من “سين” و”جيم” من طرف مسؤوليه وتسجل العملية في ملفه، ويظل هذا الهاجس يطارده لمدة طويلة. هناك شريحة مهمة من حملة السلاح ظلت حريصة على عدم استعماله طيلة المدة التي قضوها بسلك الخدمة، حيث يتم تسليمه لعنصر آخر وهكذا ذواليك، وبقي هذا السلاح داخل غمده دون أن يستعمل قط.
أما فئة أخرى من المسلحين فاختارت عن طواعية ولظروف ما استعمال سلاح الخدمة، ليس من أجل الدفاع عن النفس أو ردع المعتدين، بل فضلت أن تستعين بخدمته لوضع حد لحياتها من خلال توجيه فوهة المسدس نحو أجسادها والضغط على الزناد لينطلق الرصاص مخترقا أجسادا صارت جثثا هامدة دفنت معهم أسرارهم. ولعل الرقم الكبير والمهول المسجل بهذا الخصوص في صفوف حاملي السلاح ببلادنا يبقى خير دليل على مدى انتشار ظاهرة الانتحار في أوساط رجال الأمن، والتي تتطلب أكثر من دراسة، إذ لا يمر يوم دون أن نسمع عن انتحار رجل أمن ببلادنا. هناك فئة أخرى من حاملي السلاح فضلت أن تفجر رصاص سلاح الخدمة في جماجم ذويهم وأقاربهم وزملائهم في العمل، دون الحديث عن من أشهروه وهددوا بقتل أنفسهم ومسؤوليهم فتلكم حكايات أخرى سنتطرق إلى بعضها خلال هذا الملف الذي تسعى من خلاله “الأخبار” تسليط الضوء على بعض حالات استعمال سلاح الخدمة في قتل النفس والآخرين أيضا.