اليوم الدراسي بالرباط “الإعلام وقضايا النوع الاجتماعي”

0

24ميديا:عبد الستار الشرقاوي -سمر بهجة

نظرا لأن إعداد المرأة لممارسة وظيفتها التربوية يشكل ثقلاً عظيما في النظرة الشاملة لمصلحة الأمة عموما؛ فإن إعادة اهتمامات الإعلام بتلك المسألة من الأهمية بمكان؛ وهو أمر يستلزم قيام جميع القنوات الإعلامية بإبراز ذلك الدور والتركيز على ممارسة المرأة دورها بنفسها؛ فهي وظيفة لا يجوز فيها التوكيل، بل إن تصدي المرأة لدورها بنفسها بوصفها أيضا مربية يعد مسلكاً عظيماً في رقي الأمة، بل هو الطريق الأساسي لتحقيق آمال الأمة ثم إعادة صياغتها فعلياً عبر التربية إلى نواتج قيمة تضاف إلى رصيد الأمة الحضاري. تعتبر المرأة في المغرب شريكا أساسيا في تحقيق أهداف التنمية و مساهما فاعلا في تطور المجتمع. ولتكريس هذا النهج وضع المغرب استراتيجيات وخططا لدعم النساء وتأهيلهن للقيام بأدوارهن كاملة في النسيج المجتمعي. كما واكب المغرب كل الخطوات التي قام بها المجتمع الدولي للنهوض بأوضاع النساء، والتي توجت بانخراطه في أهداف الألفية من أجل التنمية. وسجلت العشريتان الأخيرتان حضورا قويا للنساء كما ونوعا في كل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية و في المؤسسات التشريعية وفي هيئات المجتمع المدني. كما شكل إقرار مدونة الأسرة و التعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله حدثا بارزا من خلال إقرار التغييرات الهامة التي تضمنتها عبر إعطاء المرأة أدوارا محورية داخل التركيبة الأسرية الوطنية بالتساوي مع دور الرجل. كما عمل المغرب على ملائمة الترسانة القانونية ( مدونة الشغل – القانون الجنائي والمسطرة الجنائية- قانون الحالة المدنية…) لصالح إرساء مبدأ المساواة و إنصاف المرأة. وبرز دور مفهوم النوع الاجتماعي في برامج التنمية كمقاربة تستعيض عن التحديدات الجنسية النمطية بإيلاء أهمية للأدوار النوعية للجنسين و قيمتها في التنمية الشاملة المبنية على المساواة. إلا أن الرغبة الملحة في تأهيل الأدوار الاجتماعية للنساء لم يواكبها تطور في الخطاب الإعلامي الذي ظل في جزء كبير منه مقصرا في متابعة هذه المتغيرات، حيث مازالت بعض وسائل الإعلام تمرر خطابات تكرس النظرة الدونية للمرأة وتمعن في فصل عالمها عن عالم الرجل وتحصرها في أدوار اجتماعية نمطية لا تراعي المكانة التي بدأت تشغلها النساء في المجتمع كفاعلات في التنمية، و ما تزال الصورة المقدمة عن المرأة في غالب وسائل الإعلام صورة نمطية يتم حصرها في نماذج: المرأة التقليدية و المرأة المشيئة و المرأة الجسد و المرأة السطحية و المرأة الضحية. و تظهر صورة المرأة من خلال هذه النماذج كائنا سلبيا مستهلكا وغير منتج، يحتاج للحماية ولا يشارك في اتخاذ القرارات المهمة، وينحصر سلوكه في الاستهلاك والزينة، فيما يستغل جسده للدعاية التجارية. و هذه النماذج لا تعكس الاهتمامات الحقيقية لكل النساء كما لا تعكس المكانة المهمة التي بدأت تضطلع بها النساء كفاعلات في المجتمع. في إطار الجهود التي تقوم بها الجمعيات المنظمة :جمعية الانطلاقة النسائية، جمعية شبكة النساء الرائدات ،منظمة فتيات الانبعاث و جمعية إنماء لتضامن والتنمية المستدامة في إشراك المرأة في دينامية المجتمع وتشجيعها في المشاركة السياسية ،احتضن فندق ميركور شهرزاد بالرباط ، أشغال اليوم التواصلي بشراكة مع المجلس الثقافي البريطاني، يوم السبت14.03.2015 تحت شعار ” من أجل إعلام مناصر لمشاركة المرأة في الحياة العامة “. افتتحت اللقاء ممثلة المجلس الثقافي البريطاني الأستاذة غزلان العشير التي تطرقت إلى أهمية مقاربة النوع الاجتماعي في تحقيق التنمية المحلية المندمجة والديمقراطية مشيرتا إلى أن الدراسات حول المسألة التنموية أثبتت أن النساء تعرضن للتهميش والفقر والإقصاء الاجتماعي منذ مدة ،لذا لابد من أنصافهن ولابد من جبر الضرر الجماعي للنساء وذلك بفتح المجال لهن في المشاركة في تدبير الشأن العام الوطني والمحلي وكذلك تعزيز مكانتهن في الحكامة الوطنية والمحلية. وأشارت، في هذا السياق، لقضايا النوع الاجتماعي وكيفية تغطيتها إعلامياً لتحقيق التوازن الكامل بين دور المرأة والرجل ولضمان حقوق المرأة لتتمكن من أداء دورها الفاعل في المشاركة الحقيقية لبناء المجتمع وأضاف أيضاً أن التعامل مع قضايا النوع الاجتماعي تشمل أيضاً أساليب وطرق التعامل مع الفئات العمرية المختلفة من الأطفال والمراهقين والشباب وكبار السن والشرائح المختلفة التي تقدم خدمات فعالة للمجتمع ولا تحظى بالتقدير الذي تستحقه بسبب نمطية تفكيرنا بها وأشارت إلى أنه وبحسب نتائج الدراسة فإن وسائل الإعلام المغربية لا تقدم نموذجا إيجابيا عن المساواة بين الجنسين بما فيه الكفاية، وأن هذا الاعتقاد يسود على نحو أكبر في أوساط الصحفيين، وأضاف ” أن تغطية وسائل الإعلام المغربية للمساهمات الاجتماعية والاقتصادية قليلة نسبيا ويكاد يكون موسميا ومرتبط بحدث فقط مقارنة وحجم التغطية للقضايا الأخرى”. وبين أن وسائل الإعلام المغربية لا تتعامل بمسؤولية مع قضايا المرأة كالقتل على خلفية الشرف أو العنف ضد المرأة، أو الزواج المبكر، والأهم أن المواطنين هم الأكثر ارتياحا من الصحفيين في تغطية هذه الجوانب في وسائل الإعلام والصحفيين على العكس. وفيما يتعلق بواقع الإعلاميات المغربيات، على أن تمثيل النساء في مواقع صنع القرار في وسائل الإعلام المغربي ضعيف جدا، وأن ظروف عملهن من حيث الرواتب وتبوأ المناصب القيادية وصنع القرار بحاجة إلى مجموعة من السياسات الإعلامية الهادفة والنموذجية، كما أن ظروف عملهن ليست مرنة بما يتناسب واحتياجاتهن كونهم يقمن بدور مجتمعي كبير تجاه الأسرة، وهذا ما يجب النظر إليه من زاوية لا تزيد من الفجوة بين الذكور والإناث.. أما العرض التي ألقته الأستاذة ثورية العومري يعني مفهوم النوع الاجتماعي مختلف الأدوار والحقوق والمسؤوليات الراجعة للنساء والرجال والعلاقات القائمة بينهم. ولا يقتصر المفهوم على النساء والرجال وإنما يشمل الطريقة التي تحدد بها خصائصهم وسلوكياتهم وهوياتهم من خلال مسار التعايش الاجتماعي. ويرتبط النوع الاجتماعي عموما بحالات اللامساواة في النّفوذ وفي إمكانية الاستفادة من الخيارات والموارد. وتتأثر المواقع المختلفة للنساء والرجال بالحقائق التاريخية والدينية والاقتصادية والثقافية. ويمكن لتلك العلاقات والمسؤوليات أن تتغير، وستتغير حتما عبر الزمن. ويقر استخدام مصطلح النوع الاجتماعي في هذا الدليل التوجيهي بجانب التقاطع بين تجربة النساء على صعيد التمييز وانتهاكات حقوق الإنسان وليس فقط بالاعتماد على جنسهن بل كذلك من جهة علاقات قوى أخرى ناشئة عن العنصر أو الانتماء العرقي أو الطائفة أو الطبقة أو العمر أو القدرة/العجز أو الدين ومجموعة من العوامل الأخرى بما في ذلك مدى انتمائهن إلى السكان الأصليين. ويتم تعريف النّساء والرّجال بطرق مختلفة حسب اختلاف المجتمعات. وتشكّل العلاقات التي يتقاسمها النّساء والرّجال ما يسمّى علاقات النّوع الاجتماعي. وتشكّل علاقات النّوع الاجتماعي وتشكّلها كذلك مجموعة متنوّعة من المؤسّسات مثل الأسرة والنّظم القانونية أو السوق. وتتمثل علاقات النوع الاجتماعي في علاقات قوى ترابية بين النساء والرجال تميل إلى تكريس دونية النساء. وغالبا ما تُقبل تلك العلاقات التراتبية على أنها “طبيعية” ولكنّها علاقات محدّدة اجتماعيا ومتوطنة ثقافيا وقابلة للتغير عبر الزمن. وتشكل علاقات النوع الاجتماعي ديناميكية تتميز بالصراع والتعاون في نفس الوقت وتتخللها محاور أخرى من الاعتبارات المتراكمة التي تشمل الطائفة أو الطبقة أو العمر أو الحالة الاجتماعية أو الموقع داخل الأسرة. وتتحدّد الاختلافات بين الجنسين مثل القدرة على الولادة وفق اعتبارات بيولوجية وتختلف عن أدوار النوع الاجتماعي المملاة اجتماعيا. وباعتبار ما سبق ذكره فان أي تحليل مراع لمتطلبات النوع الاجتماعي يعني الطريقة المنهجية في تناول تأثيرات التنمية المختلفة على النساء والرجال. ويتطلب أي تحليل مراع لمتطلبات النوع الاجتماعي فصل البيانات حسب الجنس وفهم كيفية تقسيم العمل ومكافأته. ويتعين أن يتم التحليل المراعي لمتطلبات النوع الاجتماعي في كافة مراحل عملية التنمية ويتعين على المرء أن يتساءل كيف سيؤخّر أي نشاط أو قرار أو مخطط معين بشكل مختلف على النساء والرجال

وأكد المشاركون والمشاركات في ختام الطاولات المستديرة الثلاث على أهمية الدراسة وكونها الأولى والأكثر تخصصية في الإعلام والنوع الاجتماعي، وأن الأكثر أهمية هو طريقة البناء والتطوير عليها، كما طالب المشاركون بضرورة تضافر الجهود لإحداث التغيير المناسب في سياق تطوير سياسات إعلامية تقوم بها كل من الحكومة، والمؤسسات النسوية والإعلامية ونقابة الصحفيين بهدف تحسين واقع المرأة الفلسطينية في المجتمع وتحسين ظروف عمل الإعلاميات وصولا الى مجتمع أكثر انفتاحا وتسامحا وإنسانية يقوم على مبدأ المساواة والعدالة المجتمعية. مطالبين بأهمية إجراء دراسات أكثر عمقا في القضايا التي طرحت في هذه الدراسة وتطوير نماذج وأدلة تدريبية وتعليمية تزيد من الحساسية للنوع الاجتماعي في أوساط خريجي الإعلام والعلوم الإنسانية.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.